Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
islamochretien
5 mai 2007

الدين ومقاصد الحوار

الدين ومقاصد الحوار
ندوة للحوار الإسلامي – المسيحي في القاهرة
في 15-16 آذار 2005
---------


أيّها الحفل الكريم،
إنّه لشرف رفيع أن نأتي من بلاد الأرز، من جبل الأطياب في لبنان، إلى مصر أرض الكنانة، ومهد الحضارة وشقيقة العرب الكبرى، لنلتقي بكم، رؤساء أفاضل وعلماء أتقياء، في إطار ندوة للحوار التي كنتم ترعونه منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً بين المسيحيّة والإسلام.
وإنّنا لنكبر هذه المسيرة العلميّة والروحيّة الراقية التي انطلقت أوّلاً بفضل إرادة جامعة لجلالة الملك فيصل عبد العزيز ملك المملكة العربيّة السعوديّة وقداسة البابا بولس السادس، والتي أوحتها رغبة مشتركة منهما في تقريب الأفكار والقلوب بين المسيحيّين والمسلمين على مدى العالم أجمع. وما جاءت هذه الرغبة إلاّ معبّرة عمّا يدور في خاطر المؤمنين جميعاً، أهل الأديان التوحيديّة، من تشوّق إلى التعارف فيما بينهم وإلى التعاون في وسط عالم راح يبتعد عن روح الدين ويتنكّر للقيم التي باستطاعتها وحدها أن تحفظ للإنسان إنسانيّته وأن تدلّه على طريق هدايته وخلاصه. ولا غرو في ذلك، فالدينان المسيحي والإسلامي يرتبطان بجذور إبراهيميّة مشتركة والمؤمنون من أبنائهما يشكّلون معاً نصف سكّان الأرض. فإذا قام حوار فيما بينهم، مبنيّ على الصدق والمحبّة ومرتكز على العودة إلى كلمة سواء تجمع إراداتهم على التعاون في سبيل الخير، فمن المؤمّل عندذاك أن يتغيّر وجه الدنيا بأسرها، وأن يؤدّي سلام القلوب القائم بين أهل المسيحيّة وأهل الإسلام إلى سلام يعمّ البشريّة بأسرها، وينقذها ممّا تتخبّط فيه من انقسامات ومن أحقاد تهدّد مصيرها بالفناء.
ولقد توطّد هذا الحوار وكانت له جولات كبيرة ومتنوّعة في إطار التلاقي المنظّم والمستمرّ بين المنتدى الإسلامي العالمي للحوار وبين مرجعيّة الحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان عاصمة الكثلكة. وها هو المنتدى عينه يمدّ يداً حواريّة من جديد إلى مجلس كنائس الشرق الأوسط، بوصفه إطاراً جامعاً لمسيحيّي الشرق عامّة وللمسيحيّين العرب بصورة خاصّة. وكم يسعدنا أن ننضمّ اليوم إلى الساعين في هذا السبيل، وعلى رأسهم وجهان كبيران من وجوه مصر العزيزة ورمزان متألّقان من رموز التلاقي السمح الطيّب بين مسلمي هذا الشرق ومسيحيّيه وهما فضيلة الأستاذ محمد سعيد طنطاوي شيخ الأزهر وصاحب الغبطة الأنبا شنوده الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيّة. إنّه أوّلاً حوار الحياة وحوار المحبّة يقوم بيننا كلّ يوم في مجتمعاتنا الواحدة، في مصر وفي لبنان وفي سوريا والأرض المقدّسة وفي أيّ بلد عربيّ يؤلّف فيه المسيحيّون والمسلمون نسيجاً قوميّاً واحداً. وهو ثانياً حوار التفاعل الثقافي بحيث يصبح تاريخ الشرق مساراً واحداً له روافده المتناسقة ألواناً وحسناً وله كنوزه الدافقة غنى وإنسانيّة.
إنّ المسيحيّة هي في دعوتها دين عالميّ التوجّه والأبعاد. وكذلك الدين الإسلامي فهو دين الرحمة للعالمين. والقيم التي يوصي بها هي للناس في كلّ مكان. لكنّ الارتباط العربي بالإسلام وارتباط المسيحيّة بجذورها الشرقيّة الأولى قد يعطياننا مسؤوليّات خاصّة حيال ما تسلّمناه ليبقى متألّقاً فينا على الدوام. بهذا المعنى نؤكّد من جهتنا أنّ المسيحيّة ولو كانت أكثريّة في عالم الغرب ولو سمّيت أيضاً دين الغرب، من قبل الصينيّين مقابلة مع دينهم البوذي الشرقي، فهي أصلاً من أرضنا، وكنائسنا الشرقيّة أصيلة هي في مسيحيّتها، وأصيلة في شرقيّتها، ونحن لسنا فيها مسيحيّين تابعين. لهذا فإنّ حوارنا الإسلامي المسيحي في المنطقة العربيّة هو حوار الأخوة وحوار اللحم والدم وهو حوار المحبّة التي وإنْ وسعت الدنيا في قلوبنا تبقى أوّلاً متجسّدة في الأقربين.
وإنّنا نحن معشر المسيحيّين في بلاد المشرق قد شعرنا أوّل ما شعرنا بخطأ النظريّة الطارئة إلى بعض العقول الغربيّة حول صراع حتمي مرسوم للحضارات، وكأنّ مصدر المعرفة والعلم ليس الله الواحد أو أنّ الإنسانيّة ليست واحدة بمنطلقاتها الأولى ولا بمآلها الأخير. ولقد واجهنا هذا الخطأ الفادح مواجهة عنيدة. وقدّمنا فيه للعالم أوراق اعتمادٍ لدينا بأنّنا نعرف الإسلام عن ظهر القلب ونعرفه من الصغر إلى الكبر. كما أنّ المسلمين يعرفوننا عن ظهر القلب أيضاً من المدرسة الصغرى إلى ساحات الحياة. وكان لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني أن يثبّتنا في هذا المنحى بما له من مسؤوليّة ومن محبّة ويقوّي فينا عزيمة التلاقي بين الحضارات ويدعو إلى ضرورة الحوار فيما بينها صياغة وضمانة لمصير كوني واحد.
أيّها السادة، إنّ وعوداً طيّبة تنتظر هذا الحوار الذي يجمعنا اليوم في التلاقي بين المنتدى الإسلامي العالمي للحوار وبين مجلس كنائس الشرق الأوسط. فنحن لسنا في هذا العمل لنضيف حواراً آخر على حوارات لها في العالم وجهها ودورها ولها مقاصدها المعروفة. بل نحن نقوم بحوار ضمن بيتنا الواحد بهدف حسن انعكاسه على الناس عندنا وعلى محبّتهم بعضهم لبعض، بفضل جوّ من التقارب والتخاطب بنشر عبيره في الأرجاء. فليبارك الله مقاصدنا هذه وليعطنا على قدر نوايانا وليكن خير عباد الله ملهماً للعاملين منّا على رسم هذا الحوار وعلى تحقيقه بالعمل المستمرّ الحثيث. فنحمل أمام نفوسنا وأمام العالم رسالة موكولة إلينا بفعل ما أوتينا في هذه المنطقة من عطايا إلهيّة يتوجّب أن نردّها إلى ذلك الذي أعطانا إيّاها وأجزل. والله من وراء القصد والسلام عليكم.

بولس مطر
رئيس أساقفة أبرشية بيروت

http://www.archmb.org.lb/Eveche/pere%20eveque/articles/maser4.htm

Publicité
Publicité
Commentaires
islamochretien
Publicité
Publicité