Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

islamochretien

23 octobre 2007

سادن الكعبة يتحدث لـ"العربية.نت" عن مفتاحها ومحتوياتها وأسرار أخرى

     
 

الخميس 23 صفر 1427هـ - 23 مارس2006م

 
 

 


 

 

يحتفظ به آل الشيبي منذ تسلموه من الرسول

 

سادن الكعبة يتحدث لـ"العربية.نت" عن   مفتاحها ومحتوياتها وأسرار أخرى

 

 


 

 

 
 

 

                                         
   

 

   
   

   
   

مفتاح الكعبة المشرفة (أرشيف)

   
   

   
 

 

 

 

 
 

 

 

دبي - فراج إسماعيل

تختزن الكعبة في داخلها وحولها أسرار لا يوجد مثلها في الأرض. لا يزيد حجمها عن حجرة مكعبة، ما أن تبلغها حتى يخر القلب خاشعا متضرعا، يلفه السكون، فتكاد لا تسمع خفقاته. تتحول العين إلى نبع للدموع فأنت حينئذ في أحب مكان إلى الله ينزل إليه سبعون ألفا من الملائكة يطوفون حولها كل يوم وليلة.

كبير سدنة بيت الله الحرام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الشيبي هو الذي يوجد لديه مفتاح الكعبة، يقول ابنه نزار الشيبي لـ"العربية.نت" : يقال عنا أيضا (الحجبي) أي الذي يحجب البيت، فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون للكعبة المشرفة سدنة، أي من هم مسؤولون عنها، وأن يكون لها مفتاح وقد تسلمناه نحن آل الشيبي، وتأتي السدانة بعدة معان في معجم اللغة العربية مثل الأمين والخادم والحاجب.. الخ. وسدانة الكعبة ترجع الى تاريخ بنائها وتعني القيام بجميع أمورها من فتحها وأغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها واصلاح هذه الكسوة اذا تمزقت واستقبال زوارها وكل ما يتعلق بذلك، فقد كان يقوم بأمر السدانة اسماعيل عليه السلام ثم من بعده ذريته، إلى ان كان عهد قصى بن كلاب فأخذ قصى سدانة الكعبة من خزاعة التي كانت قد استولت على السدانة بالقوة مدة ليست بالطويلة وهي قبيلة هاجرت من اليمن بعد انفجار سد مأرب واتجهت الى مكة واقامت بها. وقد ولد لقصى عبدالدار وعبد مناف وعبدالعزى وعبد قصى، وبعد وفاة قصى انحصرت السدانة في عبدالدار وابنائه حتى كان منهم عثمان بن طلحة بن ابي طلحة وابن عمه شيبه بن عثمان بن ابي طلحة . وينتهي نسب سدانة الكعبة المشرفة الحاليين إلى شيبه بن عثمان بن ابي طلحة وقد اسلم عام الفتح على أصح الروايات وله صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم . وجميع آل الشيبي الموجودون في هذا العصر هم من ابناء الشيخ محمد بن زين العابدين رحمه الله تعالى، وينقسمون الى أبناء الشيخ عبدالقادر بن على وهم عائلة عبدالله، وحسن آل الشيبي، وأبناء عبدالرحمن بن عبدالله الشيبي، وهم محل احترام واكرام كما دلت على ذلك الاخبار الواردة في حقهم، ولا يزالون في موضع الاكرام والرعايه عند عموم حكام المسلمين وبالاخص عند كل من تولى خدمة الحرمين الشريفين، ولايزال وجودهم من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم التى اخبر امته بها بقوله صلى الله عليه وسلم :(خذوها يابني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم الا ظالم ).

نزار الشيبي وهو من سدنة بيت الله الحرام يقول لـ"العربية.نت": آلت الينا السدانة منذ أيام جدنا (قصي) وانتقلت بين أبناء ابنه عبدالدار الذي كان له خمسة أولاد، وكان لا يخرج في رحلة الشتاء والصيف فيعايره اخوانه بسبب ذلك، فسمعهم أبوه قصي فقال: والله لأشرفنك عليهم، فأعطاه سقاية الكعبة والسدانة والرئاسة والندوة والرفادة ولواء الحرب، وعندما جاء اخوانه، قالوا له انك أخذت كل الشرف، وما تركت لنا شيئا، فقال: خذوها كلها إلا السدانة والرئاسة حيث كان هو رئيس قريش. ويقول إن الكعبة المشرفة تفتح مرتين في السنة لغسلها، ويسمح بدخولها حينئذ لبعض كبار ضيوف الدولة وبعض العلماء والمشايخ، وأيضا القائمون بغسلها. ويضيف: تعلق في داخل الكعبة الهدايا التي قدمت لها، وبعض الموجودات بداخلها ربما تعود إلى ما بعد أن ضربها الحجاج بن يوسف الثقفي بالمنجنيق، يعني تقريبا تعود إلى 1200 سنة، لكن هناك بلا شك أشياء تعود إلى عصور لاحقة، وأشياء أخرى حديثة.

من أسرار الكعبة – كما يقول الكاتب الصحفي السعودي عمر المضواحي المهتم بالكتابة عن تاريخ الأماكن المقدسة – أنها صرة الأرض وموصولة بالبيت المعمور في السماء السابعة، وأول بيت وضع للناس بناه ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام، وليس هناك في الكون بقعة أكثر مهابة وقدسية من هذه الحجرة المكعبة. لم تعبد في تاريخها من دون الله قط، فقد كان العرب يعبدون الأصنام والأوثان حولها ولم يخصوها أبدا بالعبادة، حج إليها كل الأنبياء، ومجرد النظر إليها عبادة تعادل أجر عابد في غير مكة. يضيف المضواحي متحدثا لـ"العربية.نت" عن ما سجله قلمه عن هذه البقعة التي توصف بأنها قدس الأقداس الاسلامية: حول الكعبة ثلاثة أسرار لا يوجد مثيل لها في الأرض، الحجر الأسود, ومقام إبراهيم, وهما ياقوتاتان من يواقيت الجنة, وبئر زمزم وهو نهر من أنهار الجنة ينبع عينه المتدفق من تحت أعتاب الحجر الأسود. على يسار باب الكعبة المهيب وبين الملتزم والحجر الأسود الى الداخل منها يقع مكان (حطيم السيئات) حيث يتم فيه التضرع بالدعوات، والى اليمين من باب الكعبة على بعد أقل من مترين يرتفع صندوق من الرخام النادر تحفظ فيه أدوات خدمة البيت وحوائج غسيل الكعبة من دهون الطيب كالعود والورد والعنبر ولفائف من قماش قطني معد للغسيل. في منتصف الكعبة ترتفع ثلاثة أعمدة محاطة بأفخر أنواع الخشب المزخرف, وهي المعروفة بأعمدة الصحابي عبدالله إبن الزبير حين رأى في زمن حكمه مكة أن يسند سقف الكعبة بها خشية انهياره عندما قام بترميم بناء الكعبة. في الجهة الشمالية من الكعبة، على يمين الداخل باب صغير يعرف بباب "التوبة" وهو آية في الصنعة والإتقان، يمتاز بمقاساته العادية وهو بنسبة قياس واحد الى ثمانية مقارنة بباب الكعبة الخارجي الوافر البهاء والضخامة، ويؤدي باب التوبة المصنوع من أندر قطع الأخشاب المكسوة بصفائح الذهب والفضة المشغولة، الى درج حلزوني من الزجاج السميك يصل الى سطح الكعبة. وفي الجدار الغربي المواجه لباب الكعبة علقت تسعة ألواح أثرية من الرخام منقوش عليها أسماء الولاة والخلفاء تؤرخ لأعمال تجديد وترميم الكعبة, وكلها مكتوبة بعد القرن السادس للهجرة. وفي الحائط الشرقي وبين باب الكعبة المشرفة وباب التوبة وضعت وثيقة تؤرخ لقيام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) بشرف ترميم وتجديد الكعبة المشرفة الذي دشنه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 1419هـ وكان حينها وليا للعهد. وكان آخر ترميم شامل للكعبة في زمن السلطان مراد الرابع من سلاطين آل عثمان سنة 1040 من الهجرة النبوية. جوانب الكعبة الأربعة محاطة بالرخام الأبيض، بارتفاع نحو مترين وبرخام ملون ومزركش بنقوش هندسية إسلامية. وما يعلوها مغطى بستارة خاصة من الحرير الأحمر الوردي مشغولة بالنسيج الأبيض على هيئة الشهادتين وبعض أسماء الله الحسنى على شكل رقمي ثمانية و سبعة متكررة بخط الثلث العربي البديع، وهي إهداء من الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله الى الكعبة، ويقوم بصناعتها يدويا مصنع كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.

وبين الأعمدة الثلاثة يمتد عمود معدني يكتسي بالفضة الخالصة له خطافات صغيرة معلق فيها هدايا الكعبة من أباريق وشمعدانات وأوان أثرية من الذهب والفضة تعود بتاريخها الى ماضٍ بعيد أهداها ملوك وخلفاء وسلاطين. ويسن قبل التشرف بدخول الكعبة الطواف سبعا حولها, واستلام الحجر الأسود "يمين الله في الأرض", والركن اليماني إقتداء بالسنة النبوية. كما يسن أيضا الصلاة فوق لوح من الرخام المنقوش بعلامة ظاهرة إشارة الى المكان الذي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيه، وهو باتجاه الحائط الجنوبي بالقرب من الركن اليماني الى الداخل من جدار الكعبة. والصلاة في الكعبة ثمان ركعات وهي من سنن الدخول الى الكعبة، ركعتان في اتجاه كل حائط من جدرانها الأربعة حيث لا قبلة في جوف القبلة.

وأثناء فريضة الحج وبعد أن يتوجه الحجاج الى صعيد عرفة، يتوافد أهل مكة إلى المسجد الحرام للطواف والصلاة ومتابعة تولي سدنة البيت الحرام تغيير كسوة الكعبة المشرفة القديمة واستبدالها بالثوب الجديد استعدادا لاستقبال الحجاج في صباح اليوم التالي الذي يوافق عيد الأضحى. وقبل هذا الوقت وفي منتصف شهر ذي القعدة تقريبا يتسلم كبير السدنة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الشيبي في حفل سنوي الثوب الجديد من الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بقاعة المناسبات الرئيسية في مصنع كسوة الكعبة المشرفة بضاحية أم الجود بمكة. وبعد إحضار الثوب الجديد تبدأ عقب صلاة العصر مراسم تغيير الكسوة حيث يقوم المشاركون في عملية استبدال الكسوة عبر سلم كهربائي بتثبيت قطع الثوب الجديد على واجهات الكعبة الأربعة على التوالي فوق الثوب القديم. وتثبت القطع في عرى معدنية خاصة (47 عروة) مثبتة في سطح الكعبة، ليتم فك حبال الثوب القديم ليقع تحت الثوب الجديد نظرا لكراهية ترك واجهات الكعبة مكشوفة بلا ساتر. ويتولى الفنيون في مصنع الكسوة عملية تشبيك قطع الثوب جانبا مع الآخر, إضافة الى تثبيت قطع الحزام فوق الكسوة (16 قطعة جميع أطوالها نحو 27 مترا) و 6 قطع تحت الحزام , وقطعة مكتوب عليها عبارات تؤرخ إهداء خادم الحرمين الشريفين لثوب الكعبة وسنة الصنع، ومن ثم تثبت 4 قطع صمدية (قل هو الله أحد الله الصمد) توضع على الأركان, و11 قطعة على شكل قناديل مكتوب عليها آيات قرآنية توضع بين أضلاع الكعبة الأربعة.

وآخر قطعة يتم تركيبها هي ستارة باب الكعبة المشرفة وهي أصعب مراحل عملية تغير الكسوة، وبعد الانتهاء منها تتم عملية رفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، وبارتفاع نحو مترين من شاذروان (القاعدة الرخامية للكعبة) والمعروفة بعملية (إحرام الكعبة). ويرفع ثوب الكعبة لكي لا يقوم بعض الحجاج والمعتمرين بقطع الثوب بالأمواس والمقصات الحادة للحصول على قطع صغيرة طلبا للبركة والذكرى. ويتم تسليم الثوب القديم بجميع متعلقاته للحكومة السعودية التي تتولى عملية تقسيمه كقطع صغيرة وفق اعتبارات معينة لتقديمه كإهداء لكبار الضيوف والمسؤولين وعدد من المؤسسات الدينية والهيئات العالمية والسفارات السعودية في الخارج. ويستهلك الثوب الواحد للكعبة نحو 670 كيلو جراما من الحرير الطبيعي و150 كيلو جراما من سلك الذهب والفضة، ويبلغ مسطحه الإجمالي 658 مترا مربعا ويتكون من 47 لفة، طول الواحدة 14 مترا وبعرض 95 سنتيمترا. ويكلف الثوب الواحد نحو 17 مليون ريال سعودي. ويعود إنشاء المصنع الى بداية العهد السعودي حين أمر الملك عبدالعزيز آل سعود في غرة شهر محرم عام 1357 هـ بإنشاء المصنع بجوار البيت العتيق ليكون أول مصنع للتاريخ لكسوة الكعبة المشرفة يقام في مكة المكرمة وتديره أيد سعودية مدربة.

 


جميع الحقوق محفوظة لقناة العربية © 2006

 

Publicité
Publicité
18 octobre 2007

الإسلام وأوروبا المسيحية من القرن الحادي عشر إلى نهاية القرن السادس عش

الإسلام وأوروبا المسيحية من القرن الحادي عشر إلى نهاية القرن السادس عشر

عمر كوش     الحياة     - 13/10/07//

http://www.daralhayat.com/classics/10-2007/Item-20071012-95354a80-c0a8-10ed-00c3-e8c47c5405b0/story.html

يندرج كتاب شمس الدين الكيلاني «الإسلام وأوروبا المسيحية – من القرن الحادي عشر إلى نهاية القرن العشرين» في إطار السعي إلى تقديم مراجعة جدية لطبيعة العلاقة التي ربطت العالم العربي الإسلامي بأوروبا المسيحية، وتبيان أشكالها ومداخلها، وما حملته من صراع وتنافس وتثاقف، وانعكاس ذلك في جوانب التفوق لهذا الطرف أو ذاك خلال الفترة المدروسة.

ويطمح شمس الكيلاني إلى التعرف على مختلف جوانب القوة والضعف عند كلا الطرفين، من خلال التتبع التاريخي لمراحل الاحتكاك الصعبة بينهما، الأمر الذي تطلّب مقاربة مجالات تقدمهما في مظاهر المدنية، من خلال رصد مناحي الاقتباس بينهما، وميزان تبادلهما التجاري، والمكانة المقارنة لبنائهما السياسي، ومستوى امتلاكهما مصادر القوة العسكرية ومصادر الطاقة والتقنية والثقافة.

وتتضمن الحقبة المدروسة، فترة الحروب الصليبية، التي سمّاها المؤرخون العرب حروب الفرنجة، والتي لم تكن سوى ردّ الغرب على الفتح العربي الإسلامي في القرن الثامن الميلادي. ذلك الفتح الذي اخترق قلب أوروبا، وتمتّ السيطرة به على شواطئ المتوسط، التي ستشكل في ما بعد المجال الواسع للمجابهات التاريخية، والتأثيرات الكبرى بين الشرق والغرب.

ولعلّ الحقبة التي يؤرّخ لها بقرنين من الزمن، تبدأ بسيطرة الفرنجة على القدس في عام 1099 وتنتهي باسترجاع عكا في عام 1291، تكشف من واقع نتائجها النهائية عن اختلال موازين القوى لمصلحة العرب على الصعيد العسكري، إضافة إلى المستويات الأخرى للحضارة. لكن التطور اللاحق على طرفي المتوسط سيذهب بميول التطور باتجاهات أخرى، حيث ستتبلور منذ القرن الثالث عشر بذور النهضة الأوروبية، سواء على المستوى الثقافي، أم على مستوى بناء الدولة، فيما بقي العرب راقدين في ظل العسكريتارية المملوكية. وعندما ورث العثمانيون سلطتهم، لم يتمكنوا، على رغم تطورهم العسكري، من بلورة سلطة، ومؤسسات سياسية وقانونية، ولم يشكّلوا إطاراً للتقدم الذهني والتقني ليجاروا به ما كان يجري ببطء، وفي شكل مستمر، على الجهة الأوروبية. وسيظهر التباين الحضاري لمصلحة الغرب في شكل واضح مع نهاية القرن الثامن عشر، حيث طاول التمزق والاستتباع الأوضاع العربية، وانتهى الأمر إلى احتلال الأرض العربية.

غير أنه بانتهاء الحروب الصليبية، لم يرم أي من الطرفين سلاحه، وستفتح أفق جديدة من الصراع، إذ بخسارة الفرنجة معركتهم الكبرى على حافة المتوسط الشرقية، خسروا معها مراهناتهم على قيام تحالف مسيحي – مغولي، لكنهم لم يتوقفوا عن التقدم في صقلية، وفي شبه الجزيرة الأيبيرية. في المقابل، فإن المعارك على خطوط تماس الأناضول، بعد أن أسس عثمان بن أرطغرل إمارته في عام 1299، ستلتهب بنيران لا تهدأ لقرون عدة. وستتغالب الإمبراطورية العثمانية مع الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حيث غطى صراعهما على الغلبة مساحة القرن السادس عشر برمتها، ومدّت القوى المسيحية يدها إلى بلاد فارس للاستقواء بها على الإمبراطورية العثمانية، سعياً منها إلى شق الجبهة الإسلامية، فيما مدّ المسلمون، الممثلون بالعثمانيين، يدهم إلى فرنسا وإلى كل قوى الإصلاح الديني، من لوثريين وكالفانيين ونرجيليين وجماعة هس. وحدثت المجابهة بين القوتين الإمبراطوريتين على البر والبحر، ليس في المتوسط وحسب، بل على أطراف الأطلسي، في بحر العرب، والبحر الأحمر، والخليج العربي، والمحيط الهندي. وعلى نتائج تلك المعركة توقف مصير العالم لقرون عدة، وكانتا تمثلان قوتين، ارتدت كل منهما الجلباب الديني: الإسلام والمسيحية، ولكنهما لم ينسيا، ولو للحظة، قضايا العالم على الأرض والمصالح المادية الرمادية للدول والبشر.

وفي ذروة المواجهات العثمانية الكبرى مع أوروبا أتى الظهور البارز لمركز فرعي جديد للإسلام في فارس، تمثل في الدولة الصفوية، على الأبواب الشرقية للإمبراطورية العثمانية، كي يعرقل خطط الأخيرة في الرد على تحديات «العالم المسيحي»، ويهدد زعامتها الأكيدة للديار الإسلامية، وينال من وحدة الموقف الإسلامي حيال ما يلفه من أخطار. وكان لا بد من مواجهة هاتين الدولتين اللتين كانتا تتطلعان للهيمنة على العالم الإسلامي، ويمسك كل منهما بلون مذهب مغاير، ويهدد النظام الجغرافي – السياسي للآخر، وطرق مواصلاته اللازمة لأسواقه. فحدثت المواجهة بينهما، وانتهت بتحقيق سليم الأول النصر على الدولة الصفوية، فحجّم دورها، وقضى على خطرها وتأثيرها الفعّالين. واستقر الوضع في القرن السادس عشر للعالم الإسلامي، إذ ضمت الدولة العثمانية تحت جناحيها الأناضول والعالم العربي، وأقرّ بتبعيته المباشرة لها خانات القرم، كما أظهر تأييده ودعمه لها المغول الأكبر في دلهي.

ويعتبر شمس الدين الكيلاني القرن السادس عشر مفرقاً تاريخياً، نظراً لأن مآل توزيع القوى على طرفي العالم القديم تقرر انطلاقاً منه، ووقعت فيه أشدّ المعارك البرية والبحرية هولاً، تلك التي توقفت على نتائجها ميول أو مواقع الأطراف المتجابهة، المتمثلة بالشرق الإسلامي العربي والغرب الأوروبي المسيحي، إذ مع النصف الثاني للقرن السادس عشر، عززت أوروبا موقعها، بالتفافها حول العالم العربي الإسلامي، كي تستحوذ على ثمرات التجارة الشرقية، وذهب وسكر وقهوة أميركا. ثم بدأت تشق طريقها الانتقالي العسير والمضني من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، من الفوضى الشاملة إلى الدولة – الأمة.

ويبحث شمس الكيلاني عن الصورة العربية الإسلامية في أوروبا المسيحية، معتبراً أن التصور الإسلامي ظل أكثر وضوحاً للمسيحية، بحكم إقراره بأن المسيحية دين كتاب، وبحكم الجوار مع بيزنطة، وتداخل العلاقات على تفاوت تطورها مع الزمن: الاقتصادية والسياسية والحربية. فيما كانت الصور التي كونها الأوروبيون (الفرنجة) عن العرب والمسلمين مجزأة ومشوشة، وتحولت إلى صور نمطية عن الإسلام، يحكمها العداء الواسع. وستستعاد بقوة أكبر خلال فترات المواجهة.

وكانت الجغرافيا الوسيلة الأكثر فاعلية في تحديد الأطر الرمزية لصورة الآخر في المخيال الإسلامي، حيث انطلق الجغرافيون من التسليم بها كحقيقة، حين جعلوها موجهاً لتصوراتهم وفرضياتهم، وهذا ما ذهب إليه «ابن حوقل» حين جعل ديار العرب قلب الكرة الأرضية، كونها تضم الكعبة ومكة أم القرى، فيما جعل ممالك الكفار ضيقة وليس فيها أية قيمة مميزة، وكذلك فعل ابن خرداذبه وأبو الفداء. لكن مع التطور التاريخي للإسلام، لم يعد الذمي أو الشعوب التي احتك بها الإسلام هي التي تمثل صورة الآخر، إذ تحوّل الإفرنجي إلى آخر.

وقد شكلت الهجمة الصليبية صدمة كبيرة بالنسبة الى المسلمين. وبمواجهة التحدي الذي فرضته كان لا بدّ من استئناف الشغف الإسلامي واستنهاض القوى وكل الإمكانات بغية إعادة بناء الذاتية العربية الإسلامية، واستوجب هذا إعادة تنشيط مقولة الجهاد وتعبئة الوجدان الإسلامي من منطلق اعتبار الآخر كياناً سالباً واستيطاناً عدائياً. ثم تطور الوعي الإسلامي الضدي بالآخر، في شكل متساوق مع نمو فكرة الجهاد. ومثلت حرب الاسترداد التي نظمها صلاح الدين الأيوبي لحظة حاسمة في تطور الوعي الإسلامي بالآخر، حيث استفاد صلاح الدين من منهجية نور الدين زنكي في تنظيم حركة الجهاد، وزاد في القاموس الدعائي ألفاظاً من قبيل «الكفار» و «المشركين» و «الأعداء» و «أعداء الله» لتسمية الإفرنج، وكان الإفرنجي يمثل الآخر اللاتيني، أيّاً كان أصله وانتماؤه. وقد بقي الفهم العربي الإسلامي للحواجز الفاصلة بين الإسلام والآخر منزاحاً وغامضاً. على رغم كل ذلك، فإن الحضارة الإسلامية لم تجد حرجاً في الانتهال من كل الحضارات، ولم تشعر إزاءها بالنقص على صعيد الفكر والمعرفة، إذ كان يرقى طلب العلم إلى مستوى الواجب الديني.

 

18 octobre 2007

أصدر قراراً تاريخياً بالدعاء للمسلمين في "القداس" واعتبره ردّ اعتبار

 

أصدر قراراً تاريخياً بالدعاء للمسلمين في "القداس" واعتبره ردّ اعتبار

بطريرك الأقباط "الموازي"بمصر يعلن الاعتراف بالإسلام وحبه للرسول

 الخميس 06 شوال 1428هـ - 18 أكتوبر2007م

دبي - فراج اسماعيل

اتخذ بطريرك الأقباط الأرثوذكس الموازي للبابا شنودة في مصر قرارا تاريخيا غير مسبوق، بالدعاء للمسلمين في صلوات القداس الكنسي، وهو أقدس مراحل العبادة عند الارثوذكس، معلنا حبه للرسول محمد، والاعتراف الواقعي والثقافي بالدين الاسلامي.

وفي حديث لـ"العربية.نت" فسّر الأنبا ماكسيموس الأول، الذي يرأس مجمعا مقدسا بحي المقطم شرق القاهرة، يوازي بطريريكية الأقباط الأرثوذكس في حي العباسية برئاسة البابا شنودة الثالث، أسباب هذا القرار وتأثيراته المستقبلية على علاقات المسلمين والمسيحيين في مصر والعالم.

وخص "العربية.نت" بمذكرة وجهها إلى مؤتمر يعقده أقباط المهجر في شيكاغو بالولايات المتحدة الجمعة والسبت 19 و20/10/2007 تضمنت 8 أسئلة، وأشارت إلى أن 40% من الكنائس الموجودة في مصر، بنيت بدون قرارات جمهورية أو كنسية، وأن هناك تحاملا منهم على الدولة، مستنكرة اللجوء لأسلوب الضغط ولي الذراع للاستجابة لمطالبهم، ومشيرة إلى عدم علاقة الدولة والنظام باعتناق الاسلام من قبل عشرات آلاف المسحيين، وأن السبب هو قرارات المجلس الاكليريكي تجاه أحوالهم الشخصية الخاصة بالطلاق والزواج الثاني.

من جهته أكد المهندس كميل حليم رئيس منظمة التجمع القبطي الأمريكي، الجهة المنظمة للمؤتمر، أنه لن تصدر أي قرارات تدعو للتدخل الدولي في المسألة القبطية، مقللا من تأثير مظاهرة صامتة تنطلق يوم السبت أمام نقابة الصحفيين المصريين احتجاجا على المؤتمر.

وكانت حركة باسم "شركاء" يقودها القبطي "صموئيل العشاي" قد أعلنت عن بدء المظاهرة في الساعة الواحدة بعد ظهر السبت 20/10 ودعت مختلف التيارات السياسية والفكرية للمشاركة فيها.


وقد أنشأ البابا ماكسيموس الأول، قبل عامين، مجمعا مقدسا للارثوذكس في مصر والشرق الأوسط، اعتبر حينها منشقا عن المجمع الذي يرأسه البابا شنودة. وأثار جدلاً واسعا بإعلان ترسيمه اسقفا وبطريركا لمصر ممثلا للكنيسة اليونانية القديمة، والاعتراف الرسمي به من الكنيسة الارثوذكسية بالمهجر في الولايات المتحدة، واظهاره وثائق من عدة مؤسسات وشخصيات أمريكية من بينها وثيقة باسم وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تشير إلى موقعه الديني على رأس كنيسة ارثوذكسية موازية في مصر.

 

رد الاعتبار للمسلمين

قال البابا ماكسيموس الأول في حديثه لـ"العربية.نت": ما حدث أنني بعدما صرت رئيسا للاسافقة، أصبحت لي صلاحيات الاضافة لقداس الصلوات حسب استحساني، فهناك فقرة نصلي فيها من أجل فئات متعددة تبدأ بالصلاة من أجل رئيس الاساقفة نفسه ومن أجل القساوسة والطبيعة والوطن. استحسنت أن أضيف للفقرة التي نصلي فيها من أجل الوطن الذي نعيش فيه، صلاة من أجل المسلمين بالاسم إلى جوار الصلاة من أجل طوائف المسيحيين.

وتابع بأن هذه الاضافة جاءت بهذا النص " وجيراننا ومواطنينا وكل جموع المسلمين". شارحا: أهدف من ذلك إلى نوع من رد الاعتبار للمسلمين، ليس فقط في الصلاة بحد ذاتها كعبادة إلى الله، ولكن أقصد أن مسلمين كثيرين من الأصدقاء في أيام الدراسة وما إلى ذلك، كانوا يقولون لي "نحن نعترف بالمسيحية، والمسيحية لا تعترف بنا" وكنت أشعر بنبرة المرارة والجرح.

وأضاف البابا ماكسيموس الأول أن فكرة "الاعتراف المعتقدي بين أتباع الديانات والطوائف، فكرة وهمية، لأن الاعتراف المعتقدي معناه، الغاء جميع الطوائف والإبقاء على طائفة واحدة، وكذلك إلغاء جميع الديانات والإبقاء على ديانة واحدة".

ويستطرد "أحببت تخطي هذه العقبة، واعمل اعترافا واقعيا وثقافيا وجمعيا، وبهذا أكون عملت رد اعتبار بالمشاركة في الصلاة، لكي أكسر هذه الجفوة، وأضع بها أساسا لعلاقة جديدة بين المسيحيين والمسلمين في كل أنحاء العالم".

وقال الأنبا ماكسيموس الأول إن هذا "يعني مائة في المائة اعتراف الكنيسة الارثوذكسية التي أرأسها ثقافيا بالمسلمين، بل ليس فقط اعترافا ثقافيا وعمليا ومجتمعيا، وإنما هو مع نوع من رد الاعتبار لما مضى من التاريخ".

وبشأن إذا كان ذلك يتناقض مع الديانة المسيحية التي لا تعترف بالاسلام أجاب "يتناقض إذا كان اعترافا معتقديا، لكن هذا الاعتراف – كما قلت – بين الديانات وحتى بين الطوائف كالشيعة والسنة، أو الأرثوذكس والبروتستانت، معناه الغاء جميع الديانات والطوائف والإبقاء على ديانة واحدة وطائفة واحدة، وهذا وهم وخيال".

 

خطوة تاريخية غير مسبوقة

وعن كون الصلاة للمسلمين في القداس خطوة تاريخية، قال الأنبا ماكسيموس الأول "إنها غير مسبوقة ولم تحدث في التاريخ أن ذكر المسيحيون الارثوذكس المسلمين في صلواتهم، خاصة أن ذكرهم سيأتي في القداس، الذي هو أقدس مراحل العبادة عند الارثوذكسية. هذا في نظري نقلة تاريخية ستغسل جفوة الانكار المتبادل بين أصحاب الديانتين الكبيرتين".

وتناول أسباب هذا التغير بقوله "كنت مسافرا بالطائرة في رحلة إلى بيروت، وجلس إلى جواري ثلاثة دعاة مسلمين نيجيريين ولم أعرف في البداية أنهم دعاة ورجال دين، وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث، ثم وجدت أن أحدهم يتحدث اللغة العربية فتحولنا للحديث بها، وأخذت أحدثه عن المسيحية وعن تعاليم المسيح المشبعة بالكلام عن المحبة. الرجل كان ذكيا ومحنكا، فظل يسمعني بلباقة وأدب طول الوقت إلى أن قلت كل ما عندي، ثم فاجأني بالسؤال: بعد أن تكلمت عن كل هذه المحبة المسيحية.. هل أنت تحب محمدا؟".

يعقب البابا ماكسيموس: شعرت بمواجهة قوية مع النفس لأنني لم استطع أن أجيبه بـ"نعم أحب محمدا" فقد رأيت داخل نفسي ميراث الطائفية موجودا دون أن أدري، ولم استطع أن أجيبه "بلا" لأن هذا ليس من الأدب. ذلك جعلني أخجل من نفسي.

يواصل: هذا الموقف صدمني في مصداقيتي وفي حقيقة صدق ايماني المسيحي كمسيحي، ومعنى المحبة التي أؤمن بها. ركعت أمام الله وأخذت أصلي بحرارة وقوة أن يغسل الله قلبي من ميراث الطائفية والكراهية، وأن يملأه بالحب نحو المسلمين جميعا وأولهم رسول الاسلام، فكان أن استجاب الله، وهذه معجزة عظيمة في حياتي حكيتها في كنيستي مرات عديدة، وامتلأ قلبي بحب عظيم ناحية المسلمين وناحية رسول الإسلام نفسه بدون تفريق".

 

أقولها بجرأة.. أحب محمدا

وقال البابا ماكسيموس: فرحت بالحب الذي ملأ قلبي، ولما عدت لكنيستي حكيت ما حدث معي. الآن استطيع أن أقول بجرأة وشجاعة أمامكم كما قلتها في كنيستي "نعم أنا أحب محمدا".

وعن مدى تأثير قراره على إخماد ما يثار بين الحين والآخر عن فتنة طائفية في مصر أجاب: أتمنى بهذا المنحى الجديد تأسيس ثقافة جديدة تقوم على قبول الآخر، واحترام عقيدته، وعلى المودة والمحبة والألفة أيضا.

أقول: لو أنكم قبلتم مبادرتي ووضعتم أيديكم في يدي، نستطيع أن نغير الواقع الثقافي بين أصحاب الديانتين الكبيرتين، ليس في مصر وحدها ولكن في الشرق كله. كلي أمل أن أجد مشجعين من المسلمين يضعون أيديهم في يدي، وأن تتبنى أجهزة الاعلام والصحف دعوتي، وأن يشهد المستقبل تقدما في طرحها ومزيدا من الندوات والحوار المسيحي الاسلامي.

 

الانقسام في مصر

وعن تفسيره لانقسام الارثوذكس في مصر إلى كنيستين احداهما يتولاها هو شخصيا ويسمونه البطريرك الموازي للبابا شنودة قال: واقع الحال إننا مجمع ارثوذكسي مواز، لأنني لم أحصل على التعيين الذي نسميه مسيحيا (الرسامة) من البابا شنودة ومن مجمعه وكنيسته، ولكني حصلت عليه من مجمع الكنيسة اليونانية القديمة، وصرت أؤسس مجمعا جديدا موازيا، وهو امتداد لمجمع الكنيسة الارثوذكسية القديمة. كل ما احتاج إليه الآن أن تصدر محكمة القضاء الاداري حكمها بالاعتراف الرسمي بمجمعي، وأنا في انتظار ذلك".

وحول أهمية صدور اعتراف من البابا شنودة أوضح البابا ماكسيموس "لا يعني ذلك شيئا، لأن نظام الكنائس الارثوذكسية يختلف عن الكنيسة الكاثوليكية مثلا، فالأخيرة لها بابا واحد في العالم كله، أما الكنيسة الارثوذكسية فهي مجموعة من المجامع المحلية في أنحاء العالم بلغ عددها حوالي 37 مجمعا، أكثرها مجامع قومية، فيما عدا بلاد مثل أمريكا التي لا تعني قومية بعينها".

وعن كيفية أن يفرق الارثوذكس في مصر بين مجمع كنائسه ومجمع كنائس البابا شنودة في ظل عدم وجود اختلافات عقيدية بين الاثنين قال: لا يمكنهم التفريق إلا من خلال علامة أساسية في (القداسات) وهي فقرة الصلاة التي تبدأ برئيس الاساقفة في هذه الكنيسة بعينها دون غيرها والتي أضفنا إليها اسم المسلمين، ففي هذه الفقرة سيذكر اسم الانبا ماكسيموس في كنيستنا، بينما قداس الكنيسة الأخرى يبدأ بذكر اسم البابا شنودة ولن يذكر فيها اسمي والعكس صحيح.

وعن ردود الفعل في الجهة الأخرى تجاه كنيسته أشار إلى "أنها فرقعات من الرفض والغضب غير المبنية على سبت لاهوتي، ولسنا نحن فقط الذين ننظر إليها هكذا، ولكن المجتمع كله، وحالما تستقر الأوضاع قانونيا ورسميا، ستستقيم الأمور".

 

بدأنا تزويج المطلقين

وردا على سؤال بشأن أوضاع المطلقين المسيحيين الأرثوذكس التي وعد بحلها أجاب البابا ماكسيموس الأول: أرى أن حل مشكلة الطلاق تكمن في العودة إلى لائحة عام 1938 المعمول بها منذ عقود وقرون في الكنيسة المصرية وفي المحاكم قبل بلورتها قانونيا في ذلك التاريخ. والغي العمل بها من جانب الكنيسة القبطية عام 1971 بالارادة المنفردة دون الاتفاق مع المحاكم، فصارت هناك مشكلة تكمن في صدور أحكام قضائية لناس بالطلاق، وصلت إلى عشرات الآلاف، وربما 160 ألف حالة حسب تقرير صحفية قبطية.

أضاف: قررنا أن نعود إلى لائحة 1938 ، فيكون للذين حصلوا على الطلاق من المحاكم المصرية الحق في الزواج الثاني في كنيستنا، وحدث زواج لحالة بعينها خلال هذا الشهر، ونعطي حاليا فرصة إعادة تأهيل نفسي وديني ومعنوي واجتماعي تستمر لمدة عام واحد لمن يأتينا من المطلقين حتى لا ينكسر زواجهم الثاني، وبالفعل عندنا أعداد من الناس في هذه المرحلة.

وتابع البابا ماكسيموس بأن كنيسته أتاحت الزواج بالرهبان في حالة خروجهم عن الرهبنة "هنالك راهب سمحت له بالزواج، وتزوج بالفعل في الكنيسة وقمت باعادة تعيينه كقسيس متزوج".

 

أقباط المهجر

ثم تحدث عن مؤتمر أقباط المهجر الذي يعقد الجمعة والسبت في شيكاغو عن مشاكل المسيحيين داخل مصر، فقال إنه وجه مذكرة لهم تضمنت عدم انكار وجود مشكلة طائفية، وأنها تحتاج إلى حل "ولم ينكر أحد أن صدامات طائفية تتفجر بين الحين والآخر بين مسلمين ومسيحيين هنا أو هناك".

وطرحت المذكرة 8 أسئلة باعتبار أن إجاباتها ستضع النقاط على الحروف، منها "إذا كانت الدولة وحزب الأغلبية يقفون في مواجهة علنية مع جماعة الاخوان المسلمين، فبأي عدالة تحمّلون الدولة وزر تصرفاتهم، حتى لو كانوا أزهريين وغير منضمين رسميا إلى الاخوان".

وتشير إلى أحداث الاسكندرية الطائفية بقولها "إذا كانت قد فسرت على أنها رد فعل لضرب الشرطة بالحجارة في أحداث السيدة وفاء قسنطين (زوجة قس اعتنقت الاسلام ثم عادت الى المسيحية بعد مظاهرات قبطية واسعة منذ عدة سنوات) فبأي عدالة تطالبون رجال الأمن بالتسامح الذي عجز عن قبوله اتباع المسيح الذي ينادي بالمحبة والغفران، ورجال الدين المسيحيون".

كما تحدثت مذكرة البابا ماكسيموس عن الغاء العمل بقانون الخط الهمايوني في بناء الكنائس وقال إنه "صار حتمية عصرية لا مفر منها، ولكن بماذا تفسرون أن 40% من كنائس مصر، بنيت وما زالت قائمة حتى الساعة بدون قرار جمهوري أو حتى كنسي".

وتساءلت "هل الدولة هي المتسبب في مشاكل الأقباط الداخلية مثل عزل رجال الاكليروس بدون محاكمة، ولجوء عشرات الآلاف إلى الاسلام بسبب قرارات المجلس الاكليركي في قضايا أحوالهم الشخصية، وهل الدولة هي السبب في تفاقم مشكلة الطلاق في المجتمع القبطي".

كما تضمنت المذكرة الموجهة لمؤتمر أقباط المهجر في شيكاغو سؤالا عن عدد الكنائس "التي بنيت في مصر في العشرين سنة الأخيرة، وعدد الكنائس التي تعطل انشاؤها" وطلبت اجابة بالاحصائيات والاسماء.

وأشار السؤال الثامن إلى أنه "لا تزال هناك مسائل تحتاج إلى حل، ولكن أين هذه السلطة على وجه الأرض التي تقبل أن تتخذ قراراتها تحت ضغط لي الذراع، وهل غيرت قيادتكم الكنسية أيا من قراراتها بضغط أو بدون ضغط على مدى السنين. وطالب بمراجعة النفس "لأنه يزيد المشكلة تعقيدا ولم ينجح يوما في حل مشاكل الشعوب، ولم يقبل به أحد ولا حتى انتم وقادة كنيستكم".

وعلق البابا ماكسيموس لـ"العربية.نت على المذكرة التي ستوجه من خلال الاعلام لمنظمي مؤتمر شيكاغو " بأن "مؤتمر أقباط المهجر يتحامل على النظام والدولة، لأنه إذا كانت الدولة في مشكلة مع الاخوان المسلمين، فكيف تحاسبها على تصرفات المتعصبين أيا كانوا، وأي رئيس دولة أو ملك أو رئيس وزراء في الدنيا يقبل بأن تعالج المشاكل بلي الذراع أو بالضغط. سيقولون إنني أجامل المسلمين، لكنني أرى أن العدالة تقتضي أن ينظر للموضوع بنزاهة وليس بهذا التحامل".

 

لن نطلب تدخلا دوليا

من جهته، قال المهندس كميل حليم رئيس منظمة التجمع القبطي الأمريكي التي تنظم المؤتمر، في تصريح لـ"العربية.نت" إنه لن تصدر توصيات أو قرارات تحث المجتمع الدولي على التدخل في المسألة القبطية، قائلا "إنها شأن مصري، وما سنصدره مجرد توصيات للحكومة والشعب المصري، مسيحيين ومسلمين، لتطوير القضية وعلاجها، مع الدعوة إلى الوحدة الوطنية".

وأضاف "تم توجيه دعوة لحضور المؤتمر إلى الحزب الوطني (الحاكم) لكنهم اعتذروا بسبب انشغالهم بالاعداد لمؤتمر الحزب في الثالث من نوفمبر القادم" وقلل من أثر دعوة أطلقتها حركة "شركاء" لتنظيم مظاهرة احتجاجية صامتة يوم السبت القادم أمام نقابة الصحفيين بقوله "نعتبرهم لا يتمتعون بتمثيل شعبي لدى المسيحيين المصريين".

وذكر بأن المؤتمر يشارك فيه نشطاء الأقباط في مصر والعالم وممثلي بعض منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.

http://www.alarabiya.net/articles/2007/10/18/40502.html

 

 

12 septembre 2007

الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس حتي يشهدوا ان لا اله الا الله ..

الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس حتي يشهدوا ان لا اله الا الله ..


الرد على شبهة أمرت أن أقاتل الناس

يوضح د .عزت عطية أستاذ ورئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ، المعنى الحقيقى لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذى يتغافل عنه أصحاب الاتجاه الواحد ,فنحن لا يمكن أن نستدل على موقف الإسلام فى مجال من المجالات ، من آية واحدة أو من حديث واحد ،لأن الآية والحديث كل منهما يمثل جزءا من الحقيقة ، ومن يفعل ذلك يكون كمن يقول بجزء من الآية كقوقله تعالى ( فويل للمصلين ) ثم يقول إن الله يتوعد المصلين بجهنم !

وفيما يختص بشأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. فهو أمر يتعلق بالقتال ،وأساس القتال فى الإسلام قول الله تعالى ( وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ) و يقول عليه الصلاة و السلام ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية )..
فالاسلام ينظر إلى القتال على أنه عبس وأن القيام به لا يكون إلا عند الضرورة ، كما يقول الله سبحانه وتعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )
فالقتال بالنسبة للمسلم مكروه شرعا وغير مطلوب شرعا إلا إذا اقتضت الضرورة كالاعتداء على النفس والأوطان ، فيقول الله تعالى ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) فكان القتال ممنوعا قبل ذلك ثم أبيح للضرورة .

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل ).. يعنى للدفاع عن الدين فالسكون فى ذلك ضعف وجبن لا يليق بالإنسان ..وقوله ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ) ..أى حتى يعترفوا بالتوحيد وما تقتضيه العبودية من العدل .

فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حلقة فى سلسلة طويلة عنوانها التعامل بين المسلم وغير المسلم ، وهو مقيد بكل هذه الحلقات فيما يتصل بفهم معناها كلها ، ومن هنا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم عاهد المشركين وصالحهم لمدة طويلة ،وعاهد اليهود وتعامل المسلمون مع غيرهم سلما فى وقت السلم وحربا فى الحرب فى إطار قانونى يعترف العالم بنبله وسموه .

تعليق فضيلة الشيخ / بن باز على الحديث الشريف :
شرح حديث : أمرت أن أقاتل الناس الحديث؟

س : سائل يرجو شرح هذا الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله

ج : هذا الحديث صحيح ، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أمرت أن أقاتل الناس حتى الحديث ، وهذا على ظاهره ، فإن من أتى بالشهادتين وهو لا يأتي بهما قبل ذلك ، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فإنه يعتبر مسلما حرام الدم والمال إلا بحق الإسلام ، يعني : إلا بما يوجبه الإسلام عليه بعد ذلك ، كأن يزني فيقام عليه حد الزنا ؛ إن كان بكرا فبالجلد والتغريب ، وإن كان ثيبا فبالرجم الذي ينهي حياته ، وهكذا بقية أمور الإسلام يطالب بها هذا الذي أسلم وشهد هذه الشهادة وأقام الصلاة وآتى الزكاة . فيطالب بحقوق الإسلام ، وهو معصوم الدم والمال إلا أن يأتي بناقض من نواقض الإسلام ، أو بشيء يوجب الحد عليه ، وهكذا قوله في الحديث الآخر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله

هذا الحديث مثل ذاك الحديث : من أتى بالتوحيد والإيمان بالرسالة فقد دخل في الإسلام ، ثم يطالب بحق الإسلام ، فيطالب بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ، فإن أدى ما أوجب الله عليه فهو مسلم حقا ، وإن امتنع عن شيء أخذ بحق الله فيه وأجبر وألزم بحقوق الله التي أوجبها على عباده .
وهذا هو الواجب على جميع من دخل في دين الإسلام أن يلتزم بحق الإسلام ، فإن لم يلتزم أخذ بحق الإسلام

---- منقول من منتديات البوابة --

12 septembre 2007

افتراضي الجزيــــة في الاسلام -- من نعمه علي اهل الكتاب

08-10-2007, 11:46 PM

 

تاريخ التسجيل: Aug 2007

المشاركات: 39

افتراضي الجزيــــة في الاسلام -- من نعمه علي اهل الكتاب


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .....

كتبت هذا الموضوع و جمعت مادته علي عجالة لما شاهدته في الفترة الاخيرة من هجوم بعض الحانقين علي الاسلام و و جدت الكثير منهم يسيء الي الجزية و مفهومها ( و بعضهم من المسلمين الجهلاء ) و هم بنفاقهم للاقباط بزعمهم يدافعون عنهم فهم بذلك يكفرون عن ملة الاسلام ...

نعم الازدراء و السخرية من الجزية تخرج المسلم عن الملة , لان الجزية مطلب شرعي معلوم من الدين بالضرورة .. هذا من جهة .. من جهة اخري الاستهزاء بها كحكم و مطلب شرعي يعتبر استهزاء بالمشرع ( الله سبحانه و تعالي ) و هذا كفر بواح .. قال الله تعالي : (( قل ابالله و اياته و رسله كنتم تستهزؤن .. لا تعتذروا قد كفـــــــــــــــــــــــــــرتم بعد ايمانكم )) .. هذا اولا ,

اما بالنسبة للجزية نفسها و مفهوم الجزية , و هل من الظلم ان يدفع غير المسلمين هذه الضريبة و الخ .. فنقول و بالله التوفيق .

تعريف الجزيــــــــــــــة :
لجزية في اللغة مشتقة من مادة (ج ز ي)، تقول العرب: "جزى ، يجزي، إذا كافأ عما أسدي إليه"، والجزية مشتق على وزن فِعلة من المجازاة، بمعنى "أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن"، وقال ابن المطرز: بل هي من الإجزاء "لأنها تجزئ عن الذمي".

وقد أمر الله بأخذ الجزية من المقاتلين دون غيرهم كما نصت الآية على ذلك { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } (3) قال القرطبي: "قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين...

وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني".


فالجزية هي ما يدفعه الكتابي الحر البالغ القادر علي حمل السلاح و يجب علي القتال في حال لو كان مسلم ................. و المعني هو : أن الجزية يدفعها الشاب اليافع القادر علي القتال من اهل الكتاب , و يجب عليه حمل السلاح القتال في حال كان مسلما , و منعه من ذلك انه من اهل الذمة , اي انه في عهد و ذمة الدولة المسلمة الراعية لابنائها مسلمين وغير مسلمين , و لا يجب عليه القتال و الدفاع عن البلاد في هذه الحال .

و لكن نظير هذا الدفاع فتدفع الجزية ليقوم محله من يجب عليه ان يقاتل و يحمل السلاح من المسلمين ..

وإذا كانت الجزية مقابل الحماية فإنها تسقط عن الذمي إذا لم تستطع الدولة الإسلامية القيام بحمايته، وتؤكد هذا السوابق التاريخية في زمن الصحابة، ومنها قول خالد بن الوليد في صلحه مع صلوبا بن نسطونا صاحب قس الناطف في منطقة الحيرة:

«إني عاهدتكم على الجزية والمنعة على كل ذي يد ببانقيا وبسما (اسم بلدتين في الحيرة)... فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا حتى نمنعكم»

كما فعل القائد الاسلامي أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه وذلك حينما بلغه ان الروم تجمعوا لقتاله فأمر برد الجزية الى اصحابها الى ان يفصل الله بينه وبين الروم. وهذا الموقف أثر في نصارى الشام فقالوا: لولا يتكم وعدلكم أحب الينا والله مما كنا فيه من الظلم... والتوراة لن يدخل عامل هرقل مدينة حمص الا ان نغلب ونجهد.

ومنها أن المسلمين ردُوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخراج وقالوا «قد شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فأنتم على أمركم، فقال أهل حمص لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم، والغشم، ولندفع جند هرقل عن المدينة مع عاملكم، ونهض اليهود فقالوا: والتوراة لا يدخل عامل هرقْل مدينة حمص إلا أن نُغلب ونجهد، فأغلقوا الأبواب وحرسوها، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود، وقالوا إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنا عليه، و إلا فإنا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد، فلما هزم الله الكفرة وأظهر المسلمين فتحوا مدنهم وأخرجوا المقلْسين فلعبوا وأدوا الخراج»

ولو قُدّر أن أهل الذمة اشتركوا مع المسلمين في القتال والدفاع عن دار الإسلام ضد الأعداء الخارجيين فإن الجزية تسقط عنهم تلقائيًا إذ هي مرتبطة بالعلة من تشريعها وهي الحماية. وقد جاء النص على ذلك صريحًا في بعض العهود والمواثيق التي أبرمها عمر بن الخطاب بين المسلمين وبعض أهل الكتاب.

ومنها ما ورد عن ملك «الباب» في نواحي أرمينيا، واسمه شهربراز، أنه طلب من سراقة بن عمرو، أمير تلك المناطق أن يضع عنه وعمن معه الجزية على أن يقوموا بما يريده منهم ضد عدوهم فقبل سراقة ووثق ذلك.

وكذا كتاب سراقة نفسه لأهل أرمينية على وضع الجزية عمن نفر لكل غارة أو لكل أمر رآه الوالي.
وفي كتاب سويد بن مقرن قائد جيش المسلمين في بلاد فارس في زمن عمر بن الخطاب إلى ملك جورجان:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من سويد بن مقرن لرزبان صول بن رزبان وأهل دهستان، وسائر أهل جورجان أن لكم الذمة علينا وعلينا المنعة... ومن استعنا به منكم فله جزاؤه في معونته عوضًا عن جزائه»

نضيف ايضا ان الجزية هي ضرية يدفعها الكتابي ( يهودي او مسيحي ) و يقابلها ما يدفعه المسلم من ضريبة هي الزكاة ( و هي ليست مطلب اختياري , بل مطلب اجباري ) فالزكاة يجب دفعها , و لهذا قاتل ابو بكر الصديق مانعي الزكاة و اعتبرهم من المرتدين ....... كما ان الجزية يدفعها الكتابي القادر ماديا و بدنيا عن يد و هو صاغر فهي ليست امر اختياري .. فهذا حق لقوامة الدولة

من مفاخر فلسفة التربية الإسلامية التي نص عليها الفقهاء أن الجزية لا تقبل من المرأة التي تبذلها، فإن أصرت قُبلت منها هبة. كما لا تؤخذ من الفقير العاجز عن أدائها، ولا الشيخ الفاني، أو الزمن، أو الأعمى، ومن في معناهم ممن به داء لا يستطيع معه القتال، ولا يرجى برؤه فلا جزية عليهم، ولا على سيد عبد عن عبده إذا كان السيد مسلمًا».

مقدار الجزية و على من تجب :

ولو تأملنا احكام الجزية لتبين لنا انها ليست بذلك الغرم الشديد فاولا تؤخذ الجزية من الرجال الاحرار العقلاء فقط فلا تجب على المرأة والصبي والمجنون لانهم تبع لغيرهم وتسقط عن الذمي ان اسلم او مات ولا تسقط عن الشيخ الكبير والمريض اذا كانت لديهما القدرة على ادائها.

فالجزية في دولة الاسلام لا يدفعها من النصاري التالي ذكرهم و هم :

الفقراء ممن ليس لديهم نصاب الجزية , و النساء لا تجب عليهم الجزية , و الاطفال , و العجائز , و المقعد , و ايضا لا يدفعها الرهبان لهيبة و قدسية مكانتهم عند اهلهم ... ..فهؤلاء كلهم تسقط عنهم الجزية ... اذن تقريبا لن يدفعها احد من اهل الكتاب الا الشاب , القادر ماديا , و القادر بدنيا علي القتال و حمل السلاح ...

واما من حيث مقدارها:
فقد راعت الشريعة الاسلامية الوضع المالي لاهل الذمة فيوخذ من الاغنياء 48 درهماً ومن متوسط الحال 24 درهماًومن الفقراء 12 درهماً وهذا بالسنة الواحدة.وبذلك يكون الاسلام قد سبق الى اقرار وتحقيق مبدأ االعدالة في دستور الضرائب والذي عملت به اوربا في القرن الثامن عشر الميلادي.

ويراعى فيها التيسير، وعدم التشدد أو المبالغة في مقدارها، إذ هي تختلف باختلاف البلدان والأزمنة والأحوال المعيشية ونحوها، وقد قال ابن عيينة عن أبي نجيح قلت لمجاهد: «ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار»، قال «جُعل ذلك من قبل اليسار»


هناك مسألة اخري لعل ذكرها يفتح من افاق الكثيرون من قراءنا , مال الزكاة من المعلوم للجميع انه لا يجوز صرفه الا في ثمانية مصارف ذكرها الله سبحانه و تعالي في قوله : (( انما الصدقات للفقرا و المساكين و العاملين عليها و الموءلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمين و في سبيل الله و ابن السبيل فريضه من الله و الله عليم حكيم )) .......... بمعني اخر : لا يجوز ان نبني من اموال الزكاة مسجدا , او مدرسة لتحفيظ القران او اي عمل خيري غير المذكور في الايــــــــــــــــة السابق

اللذي اريد ان اقوله : هو انه سبحانه ذكر في الآية احد مصارف الزكاة ( المؤلفة قلوبهم ) و المقصود بها هو غير المسلمين من نصاري او يهود او غيرهم ... و هذا من باب تأليف القلوب لكافة افراد المجتمع , و لذلك سماهم المؤلفة قلوبهم , قال صفوان بن المعطل : كان رسول الله يعطيني و كان من اكره الناس الي قلبي , فمازال يعطيني حتي اصبح من احب الناس الي قلب

. فالجزيــــــــــــــة في المفهوم الاسلامي ليست بالسوء اللذي يظنه كثير من الجهلاء و الحانقين علي الاسلام ....... كما ان الاسلام رفيق و رحيم بغير المسلمين علي المستوى الاجتماعي , فالقضية ليست مادية بحته لما ذكرناه , بل العكس صحيح , حيث يدفع للنصاري او اليهود من اموال المسلمين المخصصة للزكاة لذكرهم في احد مصارف و اصناف المستحقين للزكاة , و هذا من باب تأليف القلوب

روى ابن زنجويه بإسناده أن عمر بن الخطاب رأى شيخاً كبيراً من أهل الجزية يسأل الناس فقال: ما أنصفناك إن أكلنا شبيبتك، ثم نأخذ منك الجزية، ثم كتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية من شيخ كبير.(39) وكان مما أمر به رضي الله عنه : "من لم يطق الجزية خففوا عنه، ومن عجز فأعينوه".

وأرسل الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله على البصرة عدي بن أرطأة يقول: "وانظر من قبلك من أهل الذمة، قد كبرت سنه وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه".

و اذكركم ايضا بقول الرسول صلي الله عليه و سلم (( من قتل ذميا لم يرح رائحة الجنه و ان ريحها ليوجد من اربعين سنة )) . في معناه ... و ايضا قال صلي الله عليه و سلم - صحيح مسلم - (( استوصوا بالقـــــــــــــــــبط خيرا )) و في رواية ( استوصوا باهل مصر خيرا )) . فهذه توصيــــــــــــــة بالخير من رسول الاسلام باقباط مصر , و هذا حديث صحيح .. فهل بعد هذا يأتيني احمق يزعم ان الاسلام يسعي للنيل من الاقباط او ظلمهم و اجحافهم و الخ من الترهات اللتي لا يسعنا الحديث عنها ..... و الله المستعان

الجزية في التوراة و الانجيل :

مسألة اخيرة : هذه هي الجزية في الفقه الاسلامي , و هذه هي الزكاة عندنا , عرفها من عرفها و جهلها من جهلها , و لكني اقول فلنفتح مع الكتاب المقدس سفر التثنية , و لنقراء مفهوم الجزية في العهد القديم في السفر الخاص بالحديث عن الحرب المقدسة , نعم الجزية مذكورة في العهد القديم ( التوراة ) و مذكور معها الكثير من الطامات اللتي لا يتصور اتفاقها مع رحمة الله عز و جل .... يا من يتطاول علي الاسلام فلتقراء مفهوم الجزية في الكتاب المقدس و عقوبة من لا يدفعها من الامم مما يعجب و يندى له الجبين , و لمن لا يقراء او يتكاسل ان يبحث , فاني انقل له هذه السطور من الكتاب المقدس , سفر التثنية ( 20.. 10/18 ) و نصه كالتالي : (( حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح* 11 فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك* 12 و ان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها* 13 و اذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف* 14 و اما النساء و الاطفال و البهائم و كل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك و تاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك* 15 هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا* 16 و اما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب الهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما* 17 بل تحرمها تحريما الحثيين و الاموريين و الكنعانيين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين كما امرك الرب الهك* 18 لكي لا يعلموكم ان تعملوا حسب جميع ارجاسهم التي عملوا لالهتهم فتخطئوا الى الرب الهكم ))

لم يكن الإسلام بدعاً بين الأديان، كما لم يكن المسلمون كذلك بين الأمم حين أخذوا الجزية من الأمم التي دخلت تحت ولايتهم، فإن أخذ الأمم الغالبة للجزية من الأمم المغلوبة أشهر من علم ، فالتاريخ البشري أكبر شاهد على ذلك.
وقد نقل العهد الجديد شيوع هذه الصورة حين قال المسيح لسمعان: " ماذا تظن يا سمعان؟ ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية، أمن بنيهم أم من الأجانب؟ قال له بطرس من الأجانب.قال له يسوع: فإذاً البنون أحرار " (متى 17/24-25).

والأنبياء عليهم السلام حين غلبوا على بعض الممالك بأمر الله ونصرته أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة، بل واستعبدوا الأمم المغلوبة، كما صنع النبي يشوع مع الكنعانيين حين تغلب عليهم "فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر.فسكن الكنعانيون في وسط افرايم إلى هذا اليوم وكانوا عبيداً تحت الجزية" (يشوع 16/10)، فجمع لهم بين العبودية والجزية.

والمسيحية لم تنقض شيئا من شرائع اليهودية، فقد جاء المسيح متمماً للناموس لا ناقضاً له (انظر متى 5/17)، بل وأمر المسيح أتباعه بدفع الجزية للرومان، وسارع هو إلى دفعها ، فقد قال لسمعان: " اذهب إلى البحر وألق صنارة، والسمكة التي تطلع أولا خذها، ومتى فتحت فاها تجد أستارا، فخذه وأعطهم عني وعنك" (متى 17/24-27).
ولما سأله اليهود (حسب العهد الجديد) عن رأيه في أداء الجزية أقر بحق القياصرة في أخذها "فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين: يا معلّم نعلم أنك صادق، وتعلّم طريق الله بالحق، ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا: ماذا تظن ، أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ .. فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة.قالوا له: لقيصر. فقال لهم: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه" (متى 22/16-21).

ولم يجد المسيح غضاضة في مجالسة ومحبة العشارين الذين يقبضون الجزية ويسلمونها للرومان (انظر متى 11/19)، واصطفى منهم متى العشار ليكون أحد رسله الاثني عشر (انظر متى 9/9).

ويعتبر العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً، بل ويعطيه قداسة ويجعله أمراً دينياً، إذ يقول: "لتخضع كل نفس للسلاطين، السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله. حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة... إذ هو خادم الله، منتقم للغضب من الذي يفعل الشر. لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط، بل أيضا بسبب الضمير. فإنكم لأجل هذا توفون الجزية أيضاً، إذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه، فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام" (رومية 13/1-7).

هذا هو المكتوب في الكتاب المقدس , و ذكرت لكم قبله مفهوم المسلمين و كتابهم من الجزية , و ليقارن من يريد المقارنة .

اعتذر لكم عن الاطالة .. هذا و الله اعلم , فان اصبت فبتوفيق الله عز و جل , و ان اخطأت فمن نفسي و من الشيطان .

Publicité
Publicité
4 juin 2007

كنيسة بالكويت ترمم قبرا يضم رفات أول كويتي مسلم تحول للمسيحية

موقع العربية نت

http://www.alarabiya.net/articles/2007/06/04/35143.html

الإثنين 18 جمادى الأولى 1428هـ - 04 يونيو2007م

 

تخلت عنه أسرته إثر مرضه فاعتنى به المبشرون

كنيسة بالكويت ترمم قبرا يضم رفات أول كويتي مسلم تحول للمسيحية

قبر عيسى بن إبراهيم

الكويت -قدس برس

كشف تقرير صحفي نشر في الكويت الاثنين 4-6-2007 عن أن الكنيسة الإنجيلية في الكويت تسعى لترميم قبر موجود داخل مبنى الكنيسة، وبحسب القس عمانويل غريب راعي الكنيسة فإن القبر يضم رفات عيسى بن إبراهيم الذي تحول عن الإسلام في أربعينيات القرن الماضي واعتنق المسيحية.

وبين القس غريب في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "الوطن" الكويتية أن عيسى بن إبراهيم أصيب بمرض أدخل على إثره المشفى الأمريكي في الكويت آنذاك "وتركه أهله واعتنى به المبشرون المسيحيون"، وبحسب غريب فإن المواطن الكويتي قال للمبشرين "أهلي تركوني وأنتم اعتنيتم بي .. فاعتنق المسيحية ووُفرت فرصة عمل له".

وأوضح غريب أن قبر الكويتي هو واحد من ثلاثة قبور موجودة داخل مبنى الكنيسة الإنجيلية، وأنه يجري حاليا البحث عن هوية صاحبي القبرين.

يذكر أن المسيحيين الكويتيين الذين يقدرون بنحو 300 شخص يتوزعون بين ثلاث كنائس هي الإنجيلية، والأرثوذكسية، والكاثوليكية.

وبحسب دراسات مستقلة، فإن المسيحية دخلت الكويت مع الإرساليات التنصيرية الغربية مطلع القرن العشرين، تحت غطاء البعثات الطبية، وحققت هذه الإرساليات نجاحا في الكويت والبحرين، إلا أنها لم تلق أي تجاوب من قبل سكان بقية الدول الخليجية.

2 juin 2007

الـــــــوثنيـــــــة أو التـــــــوحيــــــــــد

الـــــــوثنيـــــــة أو التـــــــوحيــــــــــد

لما عبد أهل هذه المنطقة عشتروت آلهة الحب والخصب وكانوا يسعون الى عبادة هذه الاشياء في ذواتهم. ولما عبدوا البعل إله القوة كانوا يفتخرون بالقوة التي في ذواتهم وألّهوها فتعددت آلهتهم. ليس ان هناك آلهة كثيرين ولكن هناك شهوات كثيرة.
ولما انتقلوا الى عبادة الإله الواحد تنكروا لشهواتهم او قبلوا ذاك من حيث المبدأ ولو خطئوا وما تابوا الا لكونهم فهموا انهم يعودون الى هذا الإله الواحد بمعنى ان كل عقيدة لاهوتية تستتبع معتقدا اخلاقيا واحدا واذا نقاك المسلك الاخلاقي فهذا يدعم ايمانك بالله.

الفرق الحقيقي بين ديانة كثرة الآلهة وديانة الإله الواحد انك في ما سمي الوثنية انت تخلق الآلهة على صورتك وفي التوحيد – اذا استعرنا المصطلح المسيحيالله يخلقك على صورته. في الوثنية تصعد الأسوأ فيك الى السماء وفي التوحيد تستنزل النور الالهي كاملا وتصبح نيرا او مؤهلا للتنور. عند الوثنيين الآلهة تجيء منك. عند الموحدين انت تجيء من فوق.
هذا لا يمنع سوء الاستعمال للتوحيد على مستوى المسلك. من هنا ان بولس الرسول يقول عن الطمع انه عبادة وثن. اذا ربطنا داخليا بين المعتقد والمسلك قد تظن نفسك موحدا وفي الواقع انت لست فقط مشركا ولكنك مشوه لصورة الله. بتعبير آخر انت داخليا – وفي كثرة الاحوال – خليط بين التوحيد والشرك. هذا اذا اردنا ان نتعمق قليلا ولا نظن ان الايمان هو ما تعبر عنه بالشفتين فقط او تشهد له باللسان ولكن ما تعبر عنه بالافعال. من هذه الزاوية امكن القول ان ليس من موحد كامل في الارض. كل منا وثني بمقدار.

•••

الواقع انك إن احببت الله من كل قلبك ومن كل ذهنك لا تستطيع ان تحب الآلهة الاخرى اعني شهواتك من كل قلبك وكل ذهنك. وايمانك بالله يقوي مسلكك اذ يأبى كيانك الثنائية او الصدام بين الوحدة والكثرة. القلب البشري ساحة معركة بين الاله الواحد وكثرة الآلهة. هذا ما يخفي وراءه المعركة بين الحق والباطل او بين الطهارة والدنس. الحرب دائما عقائدية في الداخل البشري.

وما يمكنك من الصلاح ان الله يبين لك مسلكه هو. الانبياء تحدثوا عن رحمته ومحبته ووداعته وصفات كثيرة له كشفتها كتبنا القائمة على ان الله تكلم بالآباء والانبياء بانواع وطرق شتى وعند المسيحيين يضاف الى هذا انه تكلم بابنه الذي كان معنا في الجسد والذي نوحد بين اعماله واعمال الله. مهما يكن من امر فقد اوضح الفيلسوف برغسون ان البشرية لم تنتقل بنفسها من المجتمع الوثني الى المجتمع الموحد فالانتقال من المغلق الى المنفتح غير ممكن. هناك نقلة نوعية. كشف برغسون ان من كانت عندهم خبرة للإله الواحد هم الروحانيون او المتصوفة ونسميهم نحن انبياء. اذاً التوحيد لا تفسير له على الصعيد العقلي. انه اتخذ هذا التعبير لان الله الواحد الاحد كشف نفسه لاخصائه وهم كشفوا خبرتهم. وهذا ما سماه المؤمنون وحيا لانه ليس نتيجة تمخض عقلي. هكذا عند عاموس: "لست انا نبيا ولا انا ابن نبي بل انا راع وجاني جميز. فأخذني الرب من وراء الضأن وقال لي الرب تنبأ لشعبي اسرائيل" (7:14 و15).

الفكرة الاساسية في التوحيد ان الله يختار من يبلغ هذه الرسالة البشر وهم ينقلون كلمته لا كلماتهم اذ لا بد من تعبير لغوي يصل الى الناس بلغتهم. الامر الذي يعني انه لا بد من بحث معاني الكلمات اذ هي متصلة بالتاريخ والبيئة وبهما متصلة الكلمة. المهم ان نعرف من وراء الكلمات مقاصد الخلاص التي هي في عقل الله. علماء التفسير نافعون ما في ذلك ريب لانهم يعرفون المعاني اللغوية. لكن هناك فئة اخرى وهي فئة الطاهرين والمقدسين الذين يخاطب الله قلوبهم فلا يقيدهم ظاهر الكلام ولكنهم يلتمسون لبه. وقد يكون  المفسر رجل الله وانسان القلب المتضع المستنير. وفي الواقع هناك اهل الظاهر واهل الباطن لان الكلمات طبقات فمنها ما ينزل من العقل الى القلب ومنها ما يصعد من القلب الى العقل وكل من المسيرتين شرعية على الا يصطدم اهل الظاهر واهل الباطن والحقيقة الاخيرة هي عند الرب وندركها في اليوم الآخر كاملة صافية. فلا بد اذاً من استدخال النص الى القلب حتى يتم التقديس في قلب القارئ والمفسر معا.

•••

وعندي ان المسألة كلها في ان تحب الكلمة الالهية وتعتبرها مخلصة لكيانك ومطهرة له لان غايتها لا تنحصر في ان تكون كلمة مفهومة ولكن كلمة محبوبة بحيث تصير انت بعد تلقيها كلمة اي ناقلا المعنى الالهي الى سلوكك فيقتدي بك الكثيرون فيصير كل مؤمن حق بما يقول كتابا الهيا فتصبح كلمة الله متجسدة فيك فلا تبقى هي اسيرة كتاب ولكن تصبح منسالة الى قلبك وعقلك معا ثم الى كل حواسك والى حواس من سمعك، هذا اذا ارتضيت ان تتخلى عن كل شهواتك المؤذية لتمكن الكلمة التي جاءت من الله ان تنبثق منك لتستقر في ناس تخلوا هم ايضا عن شهواتهم اذ لا تساكن الكلمة قلبا يكون خليطا بين خطاياه وطهارة الله الذي ينزل عليه.

عند ذاك فقط تكون ناكرا تعدد الآلهة وتصبح موحدا كيانك بالكيان الالهي بلا امتزاج ولا اختلاط لاننا معشر الموحدين ننكر جميعا الحلولية التي تجعل الله منصهرا فينا. وحدة بلا انصهار بينك وبين الرب لان الانصهار نوع من الحلولية. ان تشعر بنفسك الهي التطلعات، الهي الاحساس متشبها بالله، مألوها وشادا الآخرين الى المألوهية فهذا لعمري ممكن اذ ليس فيه شرك. ولكن اذا احسست انك مفصول عن الله لكونه فوق ولكونك تحت يعني بالاقل انك لم تحس بالقربى بينكما. من المنظار الذي اقف عنده يمكنني القول انك مع الخالق في اتحاد لا ينفي خالقيته ولا ينفي مخلوقيتك. هذا في الاقل يعني ان بينك وبينه ملامسة هي من جهته انعطاف حتى الحب ومن جهتك انت طاعة في التعبير عن الحب. واذا كان الحب بين البشر في الوثنية استيلاء احد منا على الآخر او تسلطا عليه ففي التوحيد ليس من سيطرة لواحد على الآخر وليس في النبوءة كلها سيطرة والحب يصير في التوحيد عطاء القلب الى القلب الآخر وتاليا عطاء الله من قلب بشري الى قلب بشري آخر فلا تستطيع انت ان اتخذك الله الا ان تنقله بالقدوة والتنوير وبطريقة ما تصير انت فم الله او يده او معينه ليسكن بالذين اصطفاهم لينقلوا مشيئته ويبدلوا القلوب الجافة ويجعلوها لله مساكن وذلك في سر لا ندرك اعماقه ولكن خبرة المقابسة بين مؤمن ومؤمن تدل عليه.

ان تؤمن بان الله هو وحيد وليس واحدا رقميا يجعلك ساعيا الى ان يراه الناس وحيدا ليس مثله شيء بحيث يصبح لكل مؤمن وحيدا. ويستتبع هذا الا نشرك بالله احدا ليس فقط نظريا. ان يصبح التوحيد حقيقة في الارض هو الا تشرك به شهوة من شهوات الارض. هذا التوحيد العملي في السلوك نتيجة التوحيد الذي في المعتقد. ذلك ان التوحيد في العقيدة يبقى جامدا ما لم يرتبط كل كيانك بالله وتسطع، عند ذاك، فيك وحدة تتحسسها بقلبك وان تعذر عليك تفسيرها بكلمات البشر.
هكذا تضرب تعدد الآلهة وهكذا تصبح انسانا غير متردد بين ربك والرغبات التي ليست منه. وهذا بدء خلاصك. واذا نزل عليك صفاته تكون له او تكون منه. بعد هذا تضع حدا للشرك او الوثنية في ذاتك.

المطران جورج خضر    

السبت 02 حزيران 2007 - السنة 74 - العدد 23019

 

23 mai 2007

في آفاق الحوار المسيحي الإسلامي

في آفاق الحوار المسيحي الإسلامي

الأب الدكتور سميح رعد

 

 إن عمر العلاقات بين المسيحية والإسلام يزيد اليوم على أربعة عشر قرنًا، فيه الكثير من نقاط التلاقي، الاستقامات والتشعبات والطرقات المقطوعة... وفيه الكثير من الوديان والانبساطات والقمم. من المفرح أننا نجد في بطون كتب التاريخ بعض من الحكايا القليلة من العلاقات الطيبة كزهور منثورة بين قرقعة السيوف وطنين المنجنيق وضجيج العراك الموزعة على الكثير الكثير من صفحاته. إن ضممنا هذه الحكايا لكوَّنت لنا باقة جميلة استطعت أن تعبِّق الأجواء بأريجها الطيب، رغم الرائحة الكريهة الصادرة عن العداوة وصراع القوة ومعادلات الغلبة.

 لسنا بحاجة إلى كثير تأمل لنستنتج أنَّ الصراعات والحروب التي لبست ثوب "حروب ديانات" كانت ومازالت بعيدة كل البعد عن مضامين العقائد، ولم تنوجد بسبب تنافرها ولم تقاد في سبيلها، بل كانت الحروب بمعظمها تناطحًا على السلطة والسيادة... فالفكر لا يُغلب بالحروب بل بالفكر.

 الإنسان المعتقد أساسًا بالتناقض والتضاد لا بالتناسق والتكامل هو من يصنع الحرب... والدين لم يكن يومًا للتافضل أو التناقض أو التصارع بل يهدف إلى الحق والسلام والعدل. العداوة القابعة في داخلنا هي المفتشة عن الآخر العدو لا عن الآخر الصديق... العصبية بحسب الوصف الخلدوني هي التموضع تجاه الآخر والتموقع إزاءه والتمترس ضده، بغية إخضاعه أو تقزيمه أو قتله أو سحقه. العدوانية باسم الدين ما كانت إلا صورة عن بشاعة العنف الكامن في نفوس البعض. من هنا أقول إن تجيش الحروب باسم الدين كانت أبعد ما تكون عن الدين في رفعته وسموه. والعدل والمحبة والسلام كانت محصلات رسالة الدين.

 مثالان معروفان، أقدمهما من بطون كتب التاريخ، هما ازدهار الحضارة في بغداد وفي الأندلس.

 بغداد الثكلى اليوم، ما أزهرت فكرا، بين القرنين التاسع والثالث عشر، بسبب غناها المادي فقط، بل بسبب تحولها إلى صرّة للعالم تلاقت الحضارات فيها، وتشاركت في الرحابة والعدل بين المتدينين أديانًا متنوِّعة. فالمترجم والعالم المسيحي لاقح المعاني العلمية الطبية والهندسية والفلكية والفلسفية وغيرها... حتى الأدبية الغريبة بلغة الضاد فنتج هذا التفتح والسعة، رغما عن تصادم الاختلاف في الدين مع المسلم السني أو ذاك الآتي من فارس العريقة أو تركيا الواسعة بما حوت كل بقعة من بقاع تلك الأرض من ألوان ومعتقدات. وأضيف أن الشعوبية كصراع ما كانت بين المسلمين والمسيحيين إنما تجلت بين المسلمين أن نفسهم، وبالتفاضل الإيجابي.

 والأندلس الأموية ما تجلت مثال حضارة في كل مجالات العلوم، إلاَّ نتيجة التلاقح المتبادل بين العلمين العربي الإسلامي والغرب الأوروبي المسيحي، تتالى إشعاعها حتى يومنا.

 ما أسوقه هنا من التاريخ ليس انهزامًا أمام الحاضر المريض باستحضاره دفاعًا، ولكنه يبقى حجَّة للتأكيد أن ما سمي حروبًا دينية مسيحية إسلامية كان عصبية بغيضة بعيدة وقَّدتها "المصلحة" أو أي مرض قريب من هذا المرض أو بَعِيْدِه. ويبقى أيضًا ذلك التاريخ إرثًا غنيًّا ننفض الغبار عنه ونحوله إلى حالة حاضرة نستطيع تفعيله دائمًا، بيقظة ووعي متواصلين.

20 mai 2007

الرواية مدخلاً إلى معالجة الزواج المختلط منصـــــور عيــــد وكـــرامـــــة الاختــــــلاف

       

             الرواية مدخلاً إلى معالجة الزواج المختلط منصـــــور عيــــد وكـــرامـــــة الاختــــــلاف                                     
                    جريدة النهار، باب مذاهب واديان ، الأحد 20 أيار 2007 - السنة 74 - العدد 23007
            

يؤسس الدكتور منصور عيد في عمله الروائي الجديد "شرارات الرماد"، لنمط جديد من المعالجات الادبية التي تتناول قضايا مجتمعية معاشة، معتمداً فنّ المزج بين مشكلية الواقع وبناء الفرضيات المعقولة التي يوظفها للاسهام باعادة ترسيم خطوط المجتمع التعددي، بما يتوافق وتقنية استثمار الحدث، وادارة المعلومات، خدمة للهدف، والقصديات الاصلاحية.
في ذلك ينطلق من نظرية "قياس القيم" على مستوى سلوكيات الافراد، والعلاقات الناظمة لتصرفاتهم، والمنطبعة بخلقياتهم والكامنة في وجدانهم الديني وتقاليدهم الفكرية، حيث تعصف التحديات وتتوالى بين مأزقية الواقع ومأزومية المأمول، خصوصاً في حالات التمزّق الداخلي التي يعيشها (العلماني) الطامح الى بناء كيان مجتمعي انفتاحي متحرر من انغلاقيات النظريات الآسرة، ويتطلّع الى خلق مفهوم عملي لشعار "العيش المشترك" من خلال الإقدام على مغامرة "الزواج المختلط" والرهان عليها كخطوة واجبة التطبيق في بيئة تتلاقى فيها الاديان والطوائف، من دون ان تتماهى، لتخلق حالة طبيعية تكتسب صفة الأنسنة.
منصور عيد، في رؤيته الروائية في بناء هرميته السردية، فضلاً عن حسه النقدي وشاعرية خواطره، وتقنية استخدام اصول الحوار يتوسل القص الروائي لطرح قضية محورية في العلاقات بين المذاهب والطوائف، فيعالجها بكتابة واقعية، تتكثف فيها المستهديات التعبيرية التي تتكلم عن نفسها بنفسها، بحيث يشعر القارئ انه في قلب النص، لا خارجه، وانه شاهد على جمالية ائتلاف قلبين جمعهما النضال التحرري فهدما جدار الفصل بين الطوائف، ليؤسسا حوار الحب، ويحاربا العصبية التخلفية، بالانفتاحية والإقدام.
الدكتور عيد المسكون بالامل باعادة تركيب المجتمع من خلال الاضاءة على مفهوم احترام جدية الفرد وقرار القلب، يجهد من خلال مشهدياته الحوارية والسردية لأن يدعو الى احترام "كرامة الاختلاف" وتظهير ذلك من اجل التأكيد على ان الاختلاف العقيدي والايماني، هو غنى للبنان ولمعنى الانسان فيه، وليس مدخلاً للخلاف والنزاع.
ففي معالجته لجماليات التلاقي بين القيم والخلقيات عند حبيبين من دينين مختلفين، يقيس الروائي الناهل من ثقافة العلمنة نظرة المجتمع المتنوّع الى الزواج المختلط وما يحمله من قيم، بمقياس الطامح الى صياغة "حالة لبنانية" عابرة للمذهبيات والطبقيات، معتبراً ان لبنان الذي طالما اسبغوا عليه صفات "الصيغة الفريدة" و"ارض التلاقي بين الديانات" لا بد ان ينتقل من حالة الاختبار المستدام، الى حالة الواقع الصلب والمحصّن بقناعات وثقافة عَيْشية، تبعد عنه الاهتززات التي تعرضه لعدم الاستقرار، وتبقيه معلقاً بحبال الهواء والاهواء!
لقد نجح منصور عيد بصياغة نصه الروائي في ثلاثيته (طائر الفينيق 1998)، و(غداً يزهر الثلج 2004)، و(شرارات الرماد 2007)، اضافة الى نتاجاته القصصية والبحثية، التي أغناها بالكثير من المعارف والتطلعات، واجتهد ليقول كلمته في الزواج المختلط وثورة الشباب، ورفض الاجيال للقديم وسلطة الاقطاع وكل ما هو (زعيم)، فيحرض على التحديث والتطوير، ويبشر بالتغيير كقاعدة للتغيير في الذهنيات والتركيبات الفكرية، حيث الانسان هو الهدف في كل ما كتب نثراً، وما قال شعراً. فالانسانية التي وشمت أدبه بعلامات فارقة، شكلت المحور لخواطره وافكاره التي اسس عليها عمارته الروائية، فراح يبحث في التاريخ ويتوقف عند بعض (الايام)، ينفعل لها، يتأثر، يعيش احداثها بمهارة المغامر الذي، لشدة اندماجه بالحدث، تكتبه الرواية قبل ان يكتبها، خارج التكلّف والصنعة والابتذال...!
القراءة المتأنية لاحداث الرواية من منظور نقدي وتقويمي، تؤكد احترام المؤلف لوحدة السياق، التي تجمع بين فنية اختيار الاحداث والتواريخ واستخدامها في مجرى تسلسل اللوحات وتتابعها المترابط، والمنسوج حبكات، تتوافق فيها البداية مع أطر تنامي الاحداث وتقنية الانتهاء الى الخاتمة الروائية، من حيث هي قاعدة الهرم في العملية السردية، وحجر الزاوية في ركيزة المغزى الذي ينتظم الاعمال الروائية والقصصية لمنصور عيد، تمثلا بالقواعد الاسلوبية التي وضعها ارسطو للرواية، حيث التركيز على الحبكة الواحدة التي تطورت مع الرومنسيين، مع المحافظة على وحدة الاثارة، بما يعكس الطاقة الانسانية المتكاثفة في أدبه.
هكذا، وببراعة البساطة التعبيرية، قعَّد عيد للرواية، كفنٍّ هجين من فنون سيرة الجماعة الذي جمع فيه بين دقة التحري التاريخي، وجمالية الامتاع القصصي، حيث امتزاج الواقعي بالخيالي، والاستناد الى معلومات وتواريخ مرجعية لها مطرحها في دفتر الوطن ووجدان الناس، حتى يخال القارئ نفسه في سفر زمني، ينقله الى قلب الاحداث وأزمانها ويحيله بطلاً شريكاً في الرواية، لا قارئ نص او ضيف شرف فيها.
لقد تمكن المؤلف من توظيف سرده النثري في خدمة هدفه الانساني، متجاوزاً الفن المروي الى الاصلاح والاتعاظ، حيث أسبغ وجوداً واقعياً على الاشياء والاحداث والشخصيات، بأسلوب تعبيري متخيل او مختلق او مؤلف من عناصر حادثة ووهمية، حيث يتصدى لقضية الزواج المختلط وتحدياته واخفاقاته، مصوراً الاخلاق والعادات والسلوكيات البشرية، فينزل شخصياته بمسمياتهم الطبيعية ضمن اطار اجتماعي معين، او مزوَّق، وفق متطلبات السياق الذي حمّله غاية خلقية وفلسفية ودينية ومجتمعية، هي في بعدها الرهاني مغامرة واجبة الحدوث، كي لا يبقى لبنان ميدان تجاذبات اختبارية.
هذا ما سعى إليه الدكتور عيد الذي يشعر بخطورة الوضع المأزوم الذي تفرضه الطائفية على المتحررين من القيود والرافضين لحالة الاقامة الجبرية التي تفرضها عليهم موروثات التقاليد التي تشد بالمجتمع الى الخلف امعاناً بالامساك بسلطة الاقطاع الزمني، والخوف من الخروج على سلطة الوصاية الروحية التي اقمنا على نفوسنا، ولم نعد نقوى على مصارحتها، بأننا نريد ان نعيش (كرامة الحدث)، وان نحيا التعاليم الدينية، بقيمها وخلقياتها... ولكن، بحرية عقلانية!
لقد اخترق صاحب "شرارات الرماد" عمق النفس البشرية بمخيلة أشاعت الحياة في ارجاء الرواية، واستطاع، بحسه "الديموقراطي" ان يلتقط مفاصل الاختلاف والخلاف في المجتمع البناني، ويقدمها قضية مركزية وبنداً رئيساً في جدول اعمال النقاشات الحوارية بين المسيحية والاسلام، التي لا تزال في حدود التبادل البروتوكولي، وادبيات التلاقي، من دون الانتقال من حالة المقاربات النظرية الى ملامسة التطبيقات الميدانية، ومعالجة ظاهرة الزواج المختلط التي يرى فيها البعض خطأً، والبعض خطيئة، وقلّة تجهر بها من دون الاقدام على هذه المخاطرة في حين ان القلة النادرة تتخطى اعمدة النار في ساحة المعمودية، فيخلص بعض، ويتطهر بعض آخر، وكثيرون يكونون حطباً في موقد الطائفية، وآخرون يتطايرون شرارات رماد، فيها لون كرامة!

                 جورج كلاس                                                  

                 

20 mai 2007

التلاقي الإسلامي - المسيحي في خدمة الانسان

             التلاقي الإسلامي - المسيحي في خدمة الانسان                                     
                    (جريدة النهار             

             الأحد 20 أيار 2007 - السنة 74 - العدد 23007
باب مذاهب واديان)

            

 

الحديث عن العدالة الاجتماعية في المسيحية لا بد من أن يؤسس على مفاهيم محددة، وأول هذه المفاهيم هو مفهوم وحدة الخليقة.
ان مفهوم وحدة الخليقة هو مبدأ أساسي لفهم المسيحية، ذلك لأنه يؤكد على وحدانية الله الخالق كما في دستور الايمان النيقاوي القسطنطيني الذي يلخص ايماننا المسيحي: "أؤمن بإله واحد آب ضابط الكل خالق السماء والارض كل ما يرى وما لا يرى...".
والمفهوم الثاني هو الانجيل أي Evangelion اي البشرى السارة، اذا ربطنا مفهوم الانجيل بمفهوم وحدانية الخلق نستطيع ان نفهم دعوة الرب يسوع الى تلاميذه أن: "اذهبوا وتلمِذوا كل الامم". (متى 19:28 – 20) اذا الانجيل حمل البشرى الى كل الخليقة. ان ترجمة هذه البشرى بحسب الدكتور كوستي بندلي تختصر بكلمات ثلاث: التحرر، والخلاص، والمصالحة(1).
ان هذه البشرى بأبعادها الثلاثة لا تخص الفرد فقط، ولكنها تتعداه الى البنى التي تحكم العلاقات بين الافراد. لقد لخص القديس بولس مفاعيل هذه البشرى في رسالته الى أهل قولوسي (قول 11:20) بالقول: "لم يبق هناك يوناني او يهودي ولا ختان او قلف ولا أعجمي او اسكيتي ولا عبد ولا حرّ بل المسيح هو كل شيء وفي كل شيء". نتبين هنا ان المسيحية أسقطت التصنيفات التي يمكن ان يتأسس عليها اي تمييز او فوقية. وذلك لان المسيح هو في الكل.
أما المفهوم الثالث فهو مفهوم المحبة، تلك المحبة التي تقدم أغلى ما عندها أي تقدم ذاتها. ان هذه المحبة لا تطلب أي شيء بالمقابل ولا تفرح بالظلم. وهذه المحبة أساس الحرية الحقة لأنها وحدها القادرة على ان تحرر الانسان من الداخل. المحبة لا تسقط أبدا (1 كور 1:13 – 13).
لقد أولى المسيح ومن بعده المسيحيون، اهتماما خاصا بما بات يعرف اليوم بقضايا العدالة الاجتماعية. ان أول مسألة تصدى لها الرب يسوع المسيح هي قضية الفقر. فأعطى المثال الواضح للتعهد الحقيقي لقضايا المحرومين بأن وحّد نفسه بهم، فصار المثال إذ "ليس له مكان يضع عليه رأسه" (متى 20:8). يقول القديس بولس: "فأنتم تعملون جود ربنا يسوع المسيح. فقد افتقر لأجلكم وهو الغني لتغتنوا بفقره" (2 كور 9:8).
لقد انحاز الانجيل وبشكل سافر الى جانب الفقراء، وقد ورد ذلك بشكل واضح لدى الانجيلي لوقا. يقول: "طوبى لكم أيها الفقراء فان لكم ملكوت الله، طوبى لكم أيها الجياع الآن فسوف تشبعون" (لوقا 20:6 – 21). يعتقد الباحثون أن هذه الصيغة من التطويبات وردت قبل الصيغة المعروفة في انجيل متى الاصحاح الخامس. المشكلة في المسيحية لم تكن مع المال، بل مع من يستغني بماله عن الله، فلا يفتقر الى الله. "الاغنياء بحاجة الى من يساعدهم على التحرر من وطأة غناهم. كما ان الفقراء بحاجة الى التحرر من وطأة بؤسهم(2).
لقد تماهى المسيح مع كل المقهورين والمظلومين والمستضعفين. وجعل من الالتزام بهم وبقضاياهم معيار دخول الملكوت، انك بمقدار ما تكون قريبا من هؤلاء المحرومين، أي بمقدار فقرك الى الله، بمقدار ما ستتقرب منه، وعندها فقط سوف ترى نور وجهه يوم القيامة. فالانجيل تحرر من كل ما يقف حائلا بينك وبين أخيك في الانسانية، وخلاص من كل رواسب الاستغناء والاستعلاء وصولا الى مصالحة مع الذات والآخر ومع الله.
عندما نقول خدمة انسانية، يتبادر الى الذهن مفهوم عمل الخير، وهو عمل مبارك وقد مارسه المسيحيون الاوائل، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر جمع التبرعات من المسيحيين في انطاكية الى اخوتهم في أورشليم أيام المجاعة، على يد برنابا وشاول (أعمال 27:11-30) ان هذا العمل مستمر الى اليوم، وبأشكال مختلفة.
ما أود أن ألفت اليه ان مفهوم الخدمة الانسانية تطور الى مفهوم العدالة الاجتماعية الذي تناول البنى الاجتماعية المجحفة التي كانت هي المسؤولة عن الفقر والتهميش والمظالم الاخرى فنجد ان آباء الكنيسة المسيحية من القرنين الرابع والخامس مثلا كانت لهم مواقف "ثورية" من قضايا الفقر. فرفضوا تبرير التفاوت الاقتصادي والاجتماعي. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم من القرن الخامس في معرض حديثه عن الملكية الخاصة: "ولكن اتستطيع ان تبين ان هذه الثروة اكتُسِبت بالحق اذا اعدت الى اجيال عديدة في الماضي؟ لا لا تستطيع، فأصلها ومنبعها لا بد ان يكون الظلم".
يقول القديس باسيليوس الذي كان رائدا في ما نسميه اليوم مشاريع التنمية، حين اسس المدينة الباسيلية: "الغني الذي لا يشرك الآخرين في ممتلكاته يرتكب عملا ظالما".
ان السعي الى اسقاط كل انواع البنى التي تستبعد الانسان باسم الانتاج والعولمة واقتصاديات السوق والاستهلاك، وما الى ذلك من مسميات، هو في صلب دعوة الانسان المسيحي، وذلك ليس فقط احقاقا لمنطق العدالة، بل تعداه الى مفهوم الكرامة، لان الانسان هو اصلا يتمتع بكرامة اكتسبها يوم جبله الله ونفخ فيه فصار على صورته ومثاله بحسب سفر التكوين. "فلا مناص من التأكيد على ضرورة تغيير هذه البنى حفاظا لكرامة الله وكرامة الانسان ايقونته في الارض"(3).
يؤكد المطران جورج خضر في مقالته "متى يصير الزعيم الجوع؟ لقد افصح رجل الله عن حق الله وهو قبل كل شيء احقاق الحق لعباده. لم يطلب الكاهن صدقة. انه تخطاها الى الكرامة. وكل ما هو دونها يقول، قتل الانسان. لا تقوم الثورات من اجل الخبز بل للكرامة"(4).
في معرض الحديث عن البنى الظالمة لا بد من التوقف عند آفة كبرى تسمى الطائفية. "فالطائفية هي الوجه الاجتماعي للكنيسة"(5). اي انها التوقف عند المظهر الاجتماعي للكنيسة، وإهمال رسالتها الاصلية المميزة؛ انها اعتبار الكنيسة تكتلا اجتماعيا في الاساس، يقوم تجاه تكتلات اخرى لا يميزه عن الهيئات الاجتماعية كافة سوى شعائر فصلت عن مضمونها ولغة افرغت من معناها...(6) "فالطائفية اذاً مأزق روحي على قدر ما هي خلل سياسي وقانوني"(7).
ان اهم الانحرافات الدينية التي تنتج عن الموقف الروحي الطائفي هي إفراغ المؤسسات من غايتها الروحية فتؤدي "الى اعتبار المؤسسات الطائفية قبل كل شيء وسائل لتعظيم الطائفة ودعم نفوذها ووسائل للتباهي والانتفاخ الجماعي(8). فتصبح المستوصفات والمدارس والمياتم غايات بحد ذاتها نتقارع بها مع الطوائف الاخرى "ولكن اعتبار المحتاج في تلك المؤسسات كأنه المسيح نفسه ومعاملته بالاحترام عينه امر قلّما يسترعي انتباهنا"(9). وفي اغلب الاحيان، تتم ادارة هذه المؤسسات بصورة سيئة. ويكون معظم العاملين فيها من ابناء الطائفة الذين يتم استغلالهم على الصعيد المالي والوظيفي، بحجة انهم يقدمون خدمة الى الكنيسة.
من هنا نلفت الى ان الالتزام بقضايا العدالة الاجتماعية بالنسبة الى الانسان المؤمن بالمسيح هو موقف ايماني يتخطى مفهوم الحق الى مفهوم الكرامة، ويتجاوز دافع الصدفة الى اكتشاف صورة الله في الانسان الآخر اي انسان. انها الصورة التي لا تقدر بثمن. يقول المطران جورج خضر: "كل انسان في الدعوة وطاقات الله الكامنة فيه وفي امتداداته الى اللامتناهي. كل انسان مسيح وعليكم ان تنظروا اليه فقط من هذه الزاوية انكم عند ذلك تُحيون فيه الانسان الالهي الذي يمكن ان يصيره"(10).

مقومات وآليات
بناء مجتمع العدالة الاجتماعية

1 – عيش الايمان: وهذا "الايمان ليس مجرد تصديق لحقائق ماورائية، بل انه قبل كل شيء اسلام حقيقي لله. تعرية للنفس امامه وتحول مستمر من الذات اليه باعتباره اصل الوجود وغايته"(11).
2 – الانتقال من الطائفية بمفهومها الانغلاقي والالغائي للآخر، الى سعي الجماعة للعيش في حضرة الله و"طاعتها له ومحبتها له المترجمة بحب اعضائها الفاعل بعضهم لبعض ولكل انسان دون استثناء(12).
3 – الانتقال من التنوع الى التعددية Pluralism.
اننا نعيش في الوطن العربي في مجتمعات تتسم بالتعددية الدينية. اننا غالبا ما نخلط بين مفهوم التنوع والتعددية. ان التعددية تقوم على مبدأ المشاركة. يمكن ان تكون في مجتمع متنوع ولكن تبقى منغلقا في قوقعة طائفتك. ويمكنك ان تقر بأن الآخر موجود، الا انه يبقى دائما غير موجود في دائرة اهتماماتك ومطروحا خارج الأسوار التي ارتضيت ان تحبس نفسك داخلها. انها دعوة الى الشراكة الحقيقية في النضال من اجل احلال مشيئة الله خالق الكل كما في السماء كذلك على الارض. المشاركة منطلق ضروري لاطلاق اي عمل او نضال لاحقاق العدالة. فالظلم لا دين له والقهر والجوع لا طائفة لهما. ان الالم هو أكبر تحد ايماني والامتحان الاصعب هو الموت. ان افظع من كل هذا هو الاحساس بأن الانسان متروك مهمل. أن يحسّ الانسان بأن الله حجب وجهه عنه هو إحساس مروِّع. ان الله لم يحجب وجهه بل نحن حجبنا وجوهنا التي هي المرآة التي ينعكس من خلال وجود الله ورحمته على العالمين.
4 – توتر الهوية والخيار الروحي: إما على صعيد التنوع الديني، فان مفهوم التعددية يخلق جدلية مع مفهوم الهوية الدينية. ان هذه الهوية قد تتطور كي تصبح انفصالية ومأزومة الى حد العنف وبنفس القوة يمكن ان تكون مجالا رحبا لتأكيد الذات الفردية والجماعية وتنميتها وتطويرها. ان مفتاح ذلك هو في اعتماد الروحانية كجامع مشترك يُبنى عليه خصصوا في مجال العمل المشترك بين معتنقي الاديان المختلفة: "تحتاج حركة التلاقي بين الاديان ان تُشاد على قاعدة الروحانية وليس على قاعدة الدين... ان الروحانية تدمج بين خلاص الفرد وتحول المجتمع. ان الروحانية المشتركة تنقل الاهتمام من فعالية خلاص الفرد الى المصير المشترك للجنس البشري. في هذا السياق تُستبدل روح التنافس بحس الرسالة المشتركة"(13).
يعتقد البعض ان الحفاظ على التنوع الديني او الطائفي هو هدف في ذاته. ان التنوع الديني يمكن ان يكون معطى واقعياـ ولكن التعددية تدل على وجه استعمال هذا التنوع. فالتعددية هي اذاً وسيلة وليست غاية(14).
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هي الأطر التي يُبنى من خلالها مجتمع العدالة الاجتماعية؟ انه من الضروري ان تقوم برصد كل الطاقات والخبرات التي تراكمت على مدى السنوات في هذا المجال. ولكن وبنفس الوقت يجب القيام بخطوات مكملة، واذكر منها:
- توسيع اطر التفاعل بين معتنقي الاديان المتعددة: لقد درجت العادة على حصر التفاعل الديني في اطار حلقات الحوار المتخصصة بين اكاديميين او ممثلي الهيئات الدينية المختلفة. "هناك ضرورة لتوسيع هذه الدائرة كي تضم كل اطر التلاقي الحياتي اليومي من الشارع والمدرسة والعمل وحتى في وسائل النقل العامة" (15).
- اشراك المرأة والشباب: لا بد من اخراج العلاقات الاسلامية المسيحية من اطار التلاقي المحصور بين رجال الدين والاكاديميين المختصين او بعض المهتمين الى اطار الالتزام الاجتماعي الذي يشمل كل مقومات المجتمع. انه دعوة الى التفاعل والتلاقي في عمق الذات الانسانية والى اشراك عنصر الشباب والمرأة فيه من حيث انهما عنصران فاعلان كماً ونوعاُ.
- الصدق من اجل بناء الصدقية: ان اكثر ما يدمر كل مسعى صادق للتواصل الاسلامي المسيحي على الصعد كافة هو اعتماد اللغة المزدوجة. ان هذه اللغة المزدوجة تسمم المناخات وتمنع بناء الثقة الضرورية من اجل اعطاء هذه اللقاءات الاسلامية المسيحية قوة تراكمية تؤدي الى التأسيس لمبادرات مشتركة ذات صدقية وقابلية للحياة.
- عدم فرض "الاجندات" المسبقة: ان احد اهم شروط نجاح العمل الاسلامي المسيحي المشترك هو عدم وضع توقعات مسبقة او فرض نتائج مسبقة لاي لقاء او مبادرة. بل ترك الامور تنمو وتكبر بروح من الوعي والالتزام وعلى قاعدة الصدقية. ان التلاقي على الصعيد الانساني المؤسس على روحانية متجذرة وعلى قاعدة ايمانية صلبة وحقيقية، هو الكفيل بفتح آفاق جديدة وخلاّقة الالتزام الانساني المشترك.
إن اية مبادرة اسلامية مشتركة يجب ان تأخذ في الاعتبار النقاط الآتية:
1 – المشاركة: ان كل الاطراف يجب ان تكون ذات قدرة على التفاعل على قاعدة الشراكة الكاملة التي تبدأ من تقييم الحاجات او المخاطر الى تشخيص العلاج وصولاً الى تبني الحل وتطبيقه وتعميمه.
2 – المثابرة: ان هذا النوع من الاعمال يتطلّب التزاماً عالياً ومثابرة، وهو عرضة للاستهداف وللعرقلة.
3 – الاستمرارية: ان عنصر الاستمرارية ضروري، وذلك يفرض علينا ان ننشئ قيادات من الصف الثاني بحيث لا يحصل انقطاع او فراغ. انه التزام كامل وابدي بحوار الحياة قاعدة للتواصل بين المسيحيين والمسلمين، وخصوصاً في مجال الخدمة الانسانية.
4 – اشراك عناصر اخرى فاعلة في الفضاء العام، واهم هذه العناصر هو الاعلام الذي اعتاد ان يسلط الضوء فقط على الاخفاقات والتأزمات التي قد تنتج عن التفاعل بين ابناء الاديان المختلفة، ودفعهم الى ان يكونوا مساهمين في هذه المبادرات الخلاّقة وتسليط الضوء على نجاحاتها من اجل تعميم الفائدة. اما العنصر الثاني فهو العمل مع نقابات المحامين، مع كل فعاليات المجتمع المدني لتغيير القوانين التي تمس المحرومين وجعلها اكثر عدالة.
5 – الابداع: ليس هناك من وصفات جاهزة للتفاعل الاسلامي المسيحي على صعيد العدالة الاجتماعية بل هو مجال "رحب" للخلق والابداع الذي يأخذ في الاعتبار خصائص كل مجتمع وكل مجموعة مؤلفة لهذا المجتمع.

هامش:

(1) كوستي بندلي، البعد الاجتماعي للحياة الروحية، الانجيل على دروب العهد – 1 – ص41 – منشورات النور.
(2) كوستي بندلي المصدر نفسه ص30
3 – كوستي بندلي، المصدر نفسه ص 33.
4 – المطران جورج خضر، حديث الاحد في 18 تموز 1965.
5 – كوستي بندلي، موقف ايماني من الطائفية – تعاونية النور الارثوذكسية – الطبعة الثانية 2005 – ص 38.
6 – كوستي بندلي، المصدر نفسه ص 40.
7 – كوستي بندلي، المصدر نفسه ص 17.
8 - كوستي بندلي، المصدر نفسه ص 42.
9 - كوستي بندلي، المصدر نفسه ص 43.
10 – المطران جورج خضر وآخرون – الكنيسة في العالم آراء مسيحية في التزام شؤون الارض. منشورات النور – 1973 – ص 11.
11 – كوستي بندلي – موقف ايماني من الطائفية – ص 32.
12 – كوستي بندلي – موقف ايماني من الطائفية – ص 39.
13 – Swami Angivesh "Applied spirituality Aspirituel vision for the Dialogue of Religions Current Dialogue no45 July 2005 WCC p:35
14 – WCC Report of a Consultation: What Difference does religions plurality Make? Bossey æcumencial Institute 17-22 April 1999 Current Dialogue no34 Feb 1999 p:60
15 – John D'Arc May The Dialogue of Religions: Source of Knowledge? Means of Prace? Current Dialogue no35 p:17                  الياس الحلبي                    
(السكرتير الاقليمي للاتحاد العالميالمسيحي للطلبة في الشرق الاوسط) 

Publicité
Publicité
1 2 3 4 > >>
islamochretien
Publicité
Publicité