Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
islamochretien
23 mai 2007

في آفاق الحوار المسيحي الإسلامي

في آفاق الحوار المسيحي الإسلامي

الأب الدكتور سميح رعد

 

 إن عمر العلاقات بين المسيحية والإسلام يزيد اليوم على أربعة عشر قرنًا، فيه الكثير من نقاط التلاقي، الاستقامات والتشعبات والطرقات المقطوعة... وفيه الكثير من الوديان والانبساطات والقمم. من المفرح أننا نجد في بطون كتب التاريخ بعض من الحكايا القليلة من العلاقات الطيبة كزهور منثورة بين قرقعة السيوف وطنين المنجنيق وضجيج العراك الموزعة على الكثير الكثير من صفحاته. إن ضممنا هذه الحكايا لكوَّنت لنا باقة جميلة استطعت أن تعبِّق الأجواء بأريجها الطيب، رغم الرائحة الكريهة الصادرة عن العداوة وصراع القوة ومعادلات الغلبة.

 لسنا بحاجة إلى كثير تأمل لنستنتج أنَّ الصراعات والحروب التي لبست ثوب "حروب ديانات" كانت ومازالت بعيدة كل البعد عن مضامين العقائد، ولم تنوجد بسبب تنافرها ولم تقاد في سبيلها، بل كانت الحروب بمعظمها تناطحًا على السلطة والسيادة... فالفكر لا يُغلب بالحروب بل بالفكر.

 الإنسان المعتقد أساسًا بالتناقض والتضاد لا بالتناسق والتكامل هو من يصنع الحرب... والدين لم يكن يومًا للتافضل أو التناقض أو التصارع بل يهدف إلى الحق والسلام والعدل. العداوة القابعة في داخلنا هي المفتشة عن الآخر العدو لا عن الآخر الصديق... العصبية بحسب الوصف الخلدوني هي التموضع تجاه الآخر والتموقع إزاءه والتمترس ضده، بغية إخضاعه أو تقزيمه أو قتله أو سحقه. العدوانية باسم الدين ما كانت إلا صورة عن بشاعة العنف الكامن في نفوس البعض. من هنا أقول إن تجيش الحروب باسم الدين كانت أبعد ما تكون عن الدين في رفعته وسموه. والعدل والمحبة والسلام كانت محصلات رسالة الدين.

 مثالان معروفان، أقدمهما من بطون كتب التاريخ، هما ازدهار الحضارة في بغداد وفي الأندلس.

 بغداد الثكلى اليوم، ما أزهرت فكرا، بين القرنين التاسع والثالث عشر، بسبب غناها المادي فقط، بل بسبب تحولها إلى صرّة للعالم تلاقت الحضارات فيها، وتشاركت في الرحابة والعدل بين المتدينين أديانًا متنوِّعة. فالمترجم والعالم المسيحي لاقح المعاني العلمية الطبية والهندسية والفلكية والفلسفية وغيرها... حتى الأدبية الغريبة بلغة الضاد فنتج هذا التفتح والسعة، رغما عن تصادم الاختلاف في الدين مع المسلم السني أو ذاك الآتي من فارس العريقة أو تركيا الواسعة بما حوت كل بقعة من بقاع تلك الأرض من ألوان ومعتقدات. وأضيف أن الشعوبية كصراع ما كانت بين المسلمين والمسيحيين إنما تجلت بين المسلمين أن نفسهم، وبالتفاضل الإيجابي.

 والأندلس الأموية ما تجلت مثال حضارة في كل مجالات العلوم، إلاَّ نتيجة التلاقح المتبادل بين العلمين العربي الإسلامي والغرب الأوروبي المسيحي، تتالى إشعاعها حتى يومنا.

 ما أسوقه هنا من التاريخ ليس انهزامًا أمام الحاضر المريض باستحضاره دفاعًا، ولكنه يبقى حجَّة للتأكيد أن ما سمي حروبًا دينية مسيحية إسلامية كان عصبية بغيضة بعيدة وقَّدتها "المصلحة" أو أي مرض قريب من هذا المرض أو بَعِيْدِه. ويبقى أيضًا ذلك التاريخ إرثًا غنيًّا ننفض الغبار عنه ونحوله إلى حالة حاضرة نستطيع تفعيله دائمًا، بيقظة ووعي متواصلين.

Publicité
Publicité
Commentaires
islamochretien
Publicité
Publicité