Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
islamochretien
5 mai 2007

الحوار المسيحي الإسلامي الحيّ

 

الحوار المسيحي الإسلامي الحيّ

المطران مارون اللحام، أسقف تونس

إنّه حوار، مسيحي- إسلامي، حيّ. وعن هذا سأتكلم.

1. حوار. وللحوار معنى وله تعريف وله أصول وله منهجية وله هدف. وأبواب الحوار مفتوحة والحمد لله، لكن من المفيد العودة باستمرار إلى توضيح المفاهيم كي لا تختلط الأوراق. ثم انه ليس حوارًا في الكتب ولا في الهواء، بل متجسّد في "الآن وهنا"، أي في فلسطين (هنا) و (الآن) أي في بداية الألفية الثالثة من تاريخنا الطويل.

2. حوار قديم جديد. قديم لأنّه بدأ مع مجيء الإسلام ( أي منذ 14 قرنا) ولم ينقطع. لا شكّ أنه عرف أحقابًا مزدهرة وأخرى أقلّ ازدهارا، لكنه عاش. وجديد لأنه لم يتحجّر في شكل أو في إطار محدّد، بل تطوّر مع الظروف ومع التاريخ ومع البشر. وقد وعي الطرفان أن حوارًا يدوم الفًا وأربعمائة سنة يعني أنه لا يمكن أن يكون وليد صدفة أو مجرّد أحداث جرت في تاريخ المنطقة، بل هو مشيئة الله تعالى على المسيحي في هذه الأرض في أن يعيش مع أخيه المسلم ولأجل أخيه المسلم، كما هي مشيئة الله تعالى على المسلم أن يعيش على هذه الأرض مع أخيه المسيحي ومن أجل أخيه المسيحي. ِ

3.  وهذا الحوار القديم الجديد له طعم خاص في الأرض المقدسة. والسبب الأول لذلك هو أن المسيحي والمسلم في الأرض المقدّسة من أهل البلد. فالحوار ليس بين مسلم فلسطيني ومسيحي غربي، بل بين فلسطينييّن، أحدهما مسلم والآخر مسيحي، وأفضلهم عند الله أتقاهم. والسبب الثاني هو أن الظروف التي يعيشها الشعب الواحد تحتّم عليه الحوار لأن الألم واحد والمعاناة واحدة والتطلعات واحدة والاحتلال واحد والمقاومة واحدة والتهجير واحد والمستقبل والدولة واحدة إن شاء الله. وللمسيحي والمسلم دور مختلف ومتكامل في بناء الوطن.

4. الحوار المسيحي الإسلامي حيّ. هذا يعني انه تخطّى مرحلة المجاملات ومجرّد الكلام الجميل والتغنّي ببعض الأمثال من الماضي السّمح لكلا الطرفين. حوار حي يعني أنه يصل إلى اتخاذ القرارات والمواقف والى تغيير بعض أنماط السلوك والتعامل والنظر والتفكير حول الآخر. حي يعني انه يتطلع إلى أن يعمل كل طرف على معرفة الآخر كما يريد الآخر أن يُعرف، وأن يتمّ التعامل معه على هذا الأساس. وهذا أمر يفترض مراجعة ما يقال عن الآخر في الحلقات المغلقة (البيت) وفي عملية التربية وفي المدرسة وفي بيوت العبادة وعلى منابر الوعظ. المقصود من ذلك خلق نمط حضاري وثقافي جديد يرفض الاستثناء والأفكار المسبقة والظنون والعدوانية والخوف.

5. حوار حيّ يعني أيضا أنه يطول ويتأثر ويؤثر بما يجرى في داخله أو خارجًا عنه من أحداث تعكّر جو الحوار الايجابي. السؤال المطروح هنا هو "إلى أي مدى يعي المجتمع الفلسطيني، المسيحي منه والمسلم، أن يميّز بين الدين وما يتقنّع بثوب الدين. وبالتالي إلى أي مدى يسمح المجتمع الفلسطيني لأحداث تبدو دينية ويستشمّ منها رائحة السياسة أو العولمة أو المصالح الاقتصادية أن تؤثر فيه بدل أن تؤثر هي فيه، وان تقوده بدل أن يقودها هو". الأمر هنا من الحساسية بحيث انه يحتاج إلى حكماء من كلا الطرفين لاحتواء الأمور ولوضعها في نصابها الحقيقي قبل أن تؤثر سلبا في الأفراد والمجتمعات.

6.  حوار حي أي قويّ، فالحياة قوة. وقوي بنوع خاص في هذه الفترة من تاريخ العالم والتي تشهد صحوة دينية شاملة ومتنامية. فقد سقطت الأيديولوجيات الملحدة بعد أن فشلت. والصحوة الدينية – المسيحية والمسلمة – أمر ايجابي جدا، لان المؤمن  يجب أن يعرف لماذا هو مؤمن وبماذا يؤمن وكيف يعيش إيمانه في حياته. لكن الصحوة الدينية لها أيضا مخاطر يجب أن يعيها الطرفان. وأهم هذه المخاطر هي أن يتحول هذا الشعور الديني المتنامي والمفروض أن يقرّبنا أكثر من الله سبحانه ومن ذواتنا ومن الآخر، أن يتحول إلى انغلاق وتعصّب أعمى ورافض، لا يتحكم به عقل ولا إيمان. عندئذ لا يُعدّ الآخر المختلف عني دينيّاً أخًا يجب أن أقبله وأحترمه ، بل عدوا يجب أن أحاربه بشتى الوسائل.

7.  الحوار الحي يبدأ بالأشخاص، ويمتد منها إلى الجماعات فالمجتمعات. فما من حوار فعّال ألا من خلال علاقة شخصية بين أشخاص (أو حتى شخصين). لأن العلاقة الشخصية هي التي تسقط الحواجز والأوهام، وذلك من منطلق أن الإنسان عدو ما يجهل. والعلاقة الشخصية تبدأ في الجيرة والعمل والجامعة والوظيفة.

8.  حوار حي، ولرجال الدين فيه دور كبير. وهذا أمر واضح في المجتمعات الشرقية. ذلك أن الدين ينفذ إلى جميع مجالات الحياة الخاصة والعامة وينعشها ويؤثر فيها. ولصوت رجال الدين وتوجيهاتهم أثر حاسم في نفوس المؤمنين. والواقع أن رجال الدين – من كلا الطرفين- واعون لذلك ويقومون بحوار مستمر، وقد بدأ ذلك يؤثر في توجيهاتهم العامة لمؤمنيهم، سواء في الكتابات أو في الوعظ أو في تصليح ما التبس من أمور.

9.  أود في هذه الفقرة الأخيرة من كلامي أن أتطرّق إلى تجسيد واقع الحوار على مستوى الكنيسة المسيحية في فلسطين خاصة وفي الشرق عامة. فقد نشرت السلطة الكنسية عدة وثائق في هذا المجال، وهي وثائق موجهة إلى المؤمنين المسيحيين ليعرفوا كيف تريد الكنيسة أن ينظروا إلى أخيهم المسلم وان يتعاملوا معه، كما أنها موجهة إلى المؤمنين المسلمين ليروا كيف تنظر إليهم الكنيسة المسيحية وكيف تريد أن ينظروا إليها والى مؤمنيها. من هذه الوثائق:

• الرسالة الرعوية الثانية لمجلس البطاركة الكاثوليك. عنوان الرسالة : "الحضور المسيحي في الشرق، شهادة ورسالة" . يتناول الفصل السادس من هذه الرسالة موضوع الحوار مع الإسلام واليهودية.
• الرسالة الرعوية الثالثة لمجلس البطاركة الكاثوليك. عنوان هذه الرسالة : "معا أمام الله في سبيل الإنسان والمجتمع. العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في العالم العربي". كل الرسالة تتناول العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في العالم العربي وطرق توطيدها وترسيخها.
• رسائل البطريرك ميشيل صباح الرعوية، منذ أن اعتلى عرش البطريركية عام 1988، لا تخلو رسالة من رسائله من تناول موضوع العيش المشترك والحوار بين أبناء الشعب الواحد.
• وثائق السنودس الأبرشي لكنائس الأرض المقدسة الكاثوليكية. تم التصويت على هذه الوثائق في بيت لحم في شباط عام 2000. وهناك فصل كامل من المخطط الرعوي يتناول موضوع الحوار المسيحي الإسلامي في الكنائس المسيحية في الأرض المقدسة.

أختم بأمنية. العمل على ميثاق مسيحي أسلامي خاص بفلسطين. ميثاق يتضمن أُسسًا ومبادئ للحوار المسيحي الإسلامي الآن وهنا. ميثاق يشكل إطارًا يحدّد كل ما يتم التفكير فيه أو التخطيط له في مجال العلاقات المسيحية الإسلامية. ميثاق يكون مرجعا لكل ما يمكن أن يعكّر صفاء العلاقة التاريخية بين المسيحي والمسلم. ميثاق يشكّل صوتا رسميا للكنيسة والمسجد، ويجسّد ما أراده الله لنا وعلينا في هذه الأرض المباركة، أعني السير معا في رضى الله الذي هو مبدأُنا وغايتنا، ذاك الذى منه أتينا وإليه نحن راجعون.

http://www.oasiscenter.eu/index.php?page=46&lang=fr&table=contributi&news=198&group=contributi&subgroup=doc_2007

Publicité
Publicité
Commentaires
islamochretien
Publicité
Publicité