Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
islamochretien
14 mai 2007

من ابداع وسكرة روح


(من ابداع وسكرة روح)
المطران جورج خضر
7:20:24 ق.ظ - يوم الاثنين، 14 مايو2007، جريدة الأنوار اللبنانية

دعت كلية الآداب في الجامعة اللبنانية الى أمسية شعرية يُحييها الشاعر جورج شكّور لمناسبة صدور ديوانه الجديد (ملحمة الإمام عليّ)، السادسة من مساء الاربعاء الواقع فيه 19 ايار الجاري في قصر الأونيسكو. الديوان في 128 صفحة، قطع وسط وتجليد فاخر، قدّم له سيادة المطران جورج خضر، تحت عنوان (من إبداع وسَكْرة رُوح) بالكلمة الآتية: يَنزِلُ الشعر على الشاعر وكأنَّ قوة فيه أو فوقه تُوحيه، وهو ليس كلياً من صنع البشر لأنه احتدام أو اقتداح. وفي حال الملحمة هو انخطاف شديد. واذا كان موضوع القصيدة شخصاً كالإمام عليّ فبين الشاعر وموضوعه هيام.

 

الى هذا، جورج شكور متجذر في قديم التاريخ. مع ذلك يطلع من حداثة الإحساس. فالمتانة التي عُرِفَ بها في ما سُطِّر على قلمه، وأصوليته في النظم لا تحجبان عن إحساسك تلاحم القوة عنده والرقة. عربية، ولو منحوتة من صخر، تصل اليك في شفافية مذهلة، وفي لطف كبير. وفي اعتقادي ان جورج شكور بلغ في هذه القصيدة العصماء ذروة نتاجه ولا سيما ان النوع الملحمي يأتي من ابداع وقلم مكهرب أو لا يكون.
وما كان هيناً على احد ان يكشف وجه الإمام ويستبطنه على هذه العذوبة والطهر والتُّقى، والاستاذ شكور قائم في مقام آخر من الدِّين. وفي هذا تَجَنُّحٌ يكسر كل الحواجز حتى ينضم أديبنا الى هذه الصفوة من المتطهرين، فتتسع عنده الرؤيا ولا تضيق العبارة. وهذا إنجاز فريد عند من كتب. إذ ذاك، لا يسعك ان تفرق بين العبارة وبين القلب مصدرها. هذه القفزة من داخل النفس الى الورق بلا نشوء ثنائية بين الروح والقلم، ليست غريبة عن كاتب اتخذ عَلِيًّا مثالاً له في الحياة الروحية في صدر الإسلام.
سيرةُ عليّ محبوكة منذ مولده. بحيث ان القصيدة، ولو لم تكن
نظم أحداث الا انها قصة تاريخية يلعب فيها الشاعر لعبة حبه
فتستلذ، قارئاً، هياماً بمن غدا أمير المؤمنين، ونطق بلسان عربي
يعسر التشبه به. القصة موثقة بدقة ولكنها آلت بنظم ملهم الى
مقام الشعر الكبير. ويسعفك شاعرنا بربط هذا البيت أو ذاك
بالآيات الكريمات أو بأحداث من السيرة النبوية كيف ينهل من
الينابيع ولا يبقى أسيراً للفظ، وتتساقط على قلمه القوافي
عذبة، تتباين فيها الجمالات ويصيبك الدُّوار المذهل، ويلتقي فيك الصحو والسُّكْر.
ويتبع جورج شكور تاريخ الإمام بما هو دعم للدين الحنيف،
وينقله الى يثرب بعد الهجرة، ويجعله في معركة بدر، ويرفعه،
ويُذِلّ أعداء الإسلام حتى يأتي شاعرنا الى زواج فاطمة ليجعل
على لسان النبي في النظم الشكوري: (زَوَّجتُ فاطمة كما أمر
الهوى). بعد هذا تأتي معركة
أُحُد سرداً نثرياً عن هذا
المصدر أو ذاك ثم يبني على
السرد ما يقارب أربعين بيتاً. معركة عُقِد النصر فيها لِقُريش، وما غابت عن ساحة الوغى بطولات عليّ حتى أتى صاحب الملحمة معركة الخندق الشهيرة التي اشار فيها سلمان الفارسيّ على النبي بحفر خندق، وما كان للمشركين معرفة بهذه التقنية. وفي هذا الموقع برز عليّ، وأنتصر المسلمون.
وآخر حديث في هذا المفصل معركة خيبر ومطلعُهُ:

كانت بخيبر لليهود معاقل
فيهـا حصـون كالجبـال تخايـل
ويطول مدح النبي لعليّ الى أن يبلغ الشاعر قوله:
هُزِمَت جيوش المشركين بخيبر
ظفر النبي، وكان نصر حافل
إلا ان الملحمة ليست فقط حديثاً في الحرب، فدخل ما أمكن
اعتباره الجزء الروحي منها، فافتتح هذا الجزء بـ(يوم الغدير)
المسنود الى حديث الغدير المشهور: (إنَّ الله مولاي وأنا مولى
المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه
يعني عليًّا.، والِ من والاه وعاد من عاداه). ولما أدرك شاعرنا الحديث
عن موت الرسول جزم أنَّ القوم بايع عليًّا، وجاء بنصوص من
المصادر الأولى تثبت ذلك، ولكن عَلِيًّا أبى الخلافة بعد مقتل
عثمان، (وهجر داره الى فضاء المدينة هرباً من إلحاح الناس عليه)،
ثم حكى شاعرنا الحكاية كلها كما وردت في المصادر.
ثم عاد الى وصف المعارك، الى معركة الجَمَل المشهورة، وأتانا بالتفاصيل كما نعرفها من التاريخ الإسلامي.
الذروة معركة صفين والتحكيم، وأغراء غزو الشام، وجاء الخلاف مع معاوية. ويحكي شاعرنا كل الحكاية: رفع المصاحف، التحكيم وخروج الخوارج صوب أرض النهروان.
وأخيراً نصل الى شهادة الإمام وتتنزَّل على شاعرنا بقوله: (وأنا الوفاء، وما سواي وفاء. ثم لا حكم إلا للإله). في هذه الشهادة يبدي جورج شكور الإمام انساناً زاهداً بالدنيا كلها وبالسياسة بخاصة، ويتوق جنة الفردوس، ويظهر تواضعه بقول شاعرنا:
وبيوم صفين محوت إمارتي
وهم الذين تهمهم أسماءُ
ثم يعليه وهو عنده العلي اسما ومسمى، ويجعله يقول:

وأنا الضمير لأمتي، أأشقها
أنا من تشقق أمتي لبراء

ثم يذكر اغتياله، وينهي الملحمة كلها بهذا البيت:
شهد الضياء بمسجد، وبمسجد
كانت شهادته وغاب ضياءُ

ملحمة في عمقها مغناة تجعل عليا عند قارئها
مَوْدُودَ القلب حارّه، عالي الرّوح مألوهاً.

Publicité
Publicité
Commentaires
islamochretien
Publicité
Publicité